ملتقى الشعراء في منتدى , بوحمد الحمد الرسمي ..!! , عبدالرحمن بن عثمان 2007 - 2012
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



أهلاً وسهلاً يآ: (( زائر )) نورت منتدى بوحمد الحمد الرسمي . المنتدى متخصص للشعر,نثر,قصص,روايات,نقد هادف,تميز وابداع
 
موقع بوحمدالحمدالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
موقع بوحمد الحـمد للشعر والادب يرحب بالجميع .. فأهلاً بكم وسهلاً ...

 

 مدارس الشعر العربي في العصر الحديث.

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
كاتم العبرات
**** *
 **** *
كاتم العبرات


ذكر
عدد المشــــاركات : 277
المزاج : مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Mkayee10
نقاطي المكتسية : 11
الانتساب : 04/01/2008

مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Empty
مُساهمةموضوع: مدارس الشعر العربي في العصر الحديث.   مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. I_icon10الثلاثاء 6 مايو - 1:51

مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Bismillah1



مدارس الشعر في العصر الحديث


مر الشعر العربي بمراحل متعددة ، وساهمت عوامل كثيرة في تجديد القصيدة من حيث شكلها ومضمونها . وظهرت على ضوء ذلك اتجاهات شعرية متنوعة ، وتحددت سماتها الفنية .
وسنحاول رصد أبرز هذه الاتجاهات الشعرية ، والمدارس الفنية ، وأهم ما تتميز به كل اتجاه ، وأشعر شعرائه ، من هذه المدارس:

1 – مدرسة الإحياء والبعث .
2 – مدرسة الديوان .
3 – جماعة أبولو .
4 – شعراء المهجر .



مدرسة الأحياء

مدرسة البعث والإحياء يطلق اسم (مدرسة البعث والإحياء) على الحركة الشعرية التي ظهرت في أوائل العصر الحديث ، والتزم فيها الشعراء النظم على نهج الشعر في عصور ازدهاره ، منذ العصر الجاهلي حتى العصر العباسي . وهم مجموعة من الشعراء ، نذكر منهم : البارودي ، الذي يعدُّ رائد هذه المدرسة ، ومنهم : أحمد شوقي وحافظ ابراهيم وأحمد محرم وعلى الجارم ، وترددت أصداء هذا الاتجاه في دواوين معروف الرصافي ، وجميل صدقي الزهاوي وعبد المحسن الكاظمي ، كما ترددت في أشعار إبراهيم اليازجي وأمين نحلة وأحمد الصافي النجفي ومحمد مهدي الجواهري وسعيد العيسى ومصطفى خريف والشبيبي وخير الدين الزركلي وابن عثيمين ، ومثَّل هذا الاتجاه في السودان : محمد سعيد العباسي و محمد عمر البنا، وغيرهم ممن ساروا في اتجاههم ، وتشابهت أساليبهم الفنية والمعنوية ، وشكلوا اتجاه المدرسة الإحيائية ؛ على تفاوت فيما بينهم في القدرات الأدائية ، وتنوع في همومهم وأغراضهم ، وتباين بين حظ كل واحد منهم من الثقافة ، وأخذه بأسباب التجديد والتطور الفني ، بحسب اختلاف البيئات وظروف الحياة والتكوين النفسي والاجتماعي والفكري ، ومدى تأثر كل منهم بثقافة الغرب ومذاهبه الأدبية .
عكف هؤلاء على قراءة الشعر العربي القديم ، ونماذجه البيانية الممتازة ؛ لثقتهم بجدارة هذا الشعر واتجاهاته وأساليبه ، وتقديرهم له في مرحلة سيطر فيها على الناس شعور الالتفات الوجداني إلى أمجاد ماضيهم المشرق ، والتعلق بكل ما يتصل بذلك الماضي التليد ؛ اثباتاً لوجودهم ، وتأكيداً لكيانهم الثقافي وسط عالمهم المهدد بالقوى الأجنبية . فلجأوا إلى ماضيهم الأدبي ، يستمدون منه مثلهم العليا في النظم ، وقيمهم المثلى في الشعر ، ويستوحونه أحياناً في قصائدهم
وكما يقول أحد الباحثين : " كأننا حين نطالع هذا الشعر – رغم ما قد تتضمنه بعض قصائده من موضوعات أو مواقف عصرية – إنما قد عدنا نعيش في العصر العباسي " ، إلا أنهم بذلك تملكوا أسرار التعبير الشعري القديم وأدواته اللفظية ، فأنقذوا الشعر من عثرة الأساليب الركيكة ، وأعادوه إلى ما كان عليه فنياً في العصر الذهبي ؛ فهم بذلك قد بعثوه من جديد .
أثبت شعراء مدرسة البعث أن ضعف اللغة العربية في عصرهم لا يرجع إلى قصور ذاتي فيها ، وإنما يرجع إلى الجهل بها ، وعدم التزود بأساليبها القوية ؛ فاللغة ليست جامدة ، وليست ضعيفة ، محصورة في قوالب البديع إنما كان ضعفهاشيئاً عارضا ًفي عصور محنتها ، وينبغي أن تعود إلى حياتها القديمة لتعبر عما يريدون من مشاعر وانفعالات وقضايا . وهكذا استطاع شعراء هذه المدرسة أن يحققوا لشعرهم جزالة الأسلوب ورصانته ، بمدارسة روائع الشعر العربي وتمثله .
وخلافاً لما توحي إليه كلمة ( المحافظين ) من التقليد الأعمى ، والسير على خطى السابقين دون إبداع أو تجديد ؛ فإن المراد بهذه التسمية : أن شعراء هذه المدرسة الأدبية حافظوا على هيكل القصيدة العربية وأوزانها وقوافيها ، وفي سلاسة أسلوبها ، وجزالة ألفاظها ، وجعلوا من القصيدة العربية في عصور ازدهارها مثلاً أعلى بنوا عليه أسلوبهم الشعري ، واستمدوا منها كثيراً من الصور البدوية الصحراوية بألوانها وخطوطها ، وما فيها من أماكن ونباتات وحيوانات تعوَّد ذكرها الشاعر القديم ، كالعقيق ونجد ، وكالخزامي والبهار ، وكالرئم والمها ، ويتغنى بهند وأسماء وسعاد والرباب ، ويبكي الرسوم والأطلال ، ويشبه الحبيبة بنفس طريقة الشاعر القديم ، وهو في كل ذلك يستغل ما في هذه الأسماء من ظلال نفسية وشحنات عاطفية اكتسبتها من استخدام الشعراء عبر الأزمان.
لكن شعراء هذه المدرسة لم يكتفوا باتباع طريقة الشعراء القدامى ، واحتذاء نماذجهم الرائعة فحسب ؛ إنما احتفظوا بشخصياتهم الفنية ، وعبروا عن همومهم الذاتية الخاصة ، وعن قضايا مجتمعهم وأمتهم السياسية والوطنية والاجتماعية ، وعبروا عن مشاعرهم إزاء هذه القضايا . وهذا يعني أنهم لم يكونوا نسخة طبق الأصل للشعر القديم ، بل لاءموا بين القديم والجديد ، بين الأسلوب العربي الرصين ، وبين ثقافتهم وروح عصرهم ، واتخذوا من الشعر القديم مصدراً أساسياً للإلهام الشعري لا للتقليد الحرفي .

سمات المدرسة الاحيائية :

1 – حافظ شعراء هذه المدرسة على نهج الشعر العربي القديم في بناء القصيدة ؛ فتقيدوا بالبحور الشعرية المعروفة ، والتزموا القافية الواحدة في كل قصيدة .
2 – ترسموا خطى القدماء فيما نظموه من الأغراض الشعرية ، فنظموا مثلهم في المديح والرثاء والغزل والوصف .
3 – جاروا في بعض قصائدهم طريقة الشعر العربي القديم في افتتاح القصيدة بالغزل التقليدي ، والوقوف على الأطلال ووصف الدمن والآثار ، ومن ثَمَّ ينتقلون إلى الأغراض التقليدية نفسها من مدح أو رثاء ونحوهما على نحو قول شوقي :

قم ناج جِلِّق وانشد رسمَ من بانوا
........... مشَتْ على الرسم أحداثٌ وأزمان


وقوله :
أنادي الرسـم لو ملك الجوابـا
.................................................. ..... وأجـزيـه بدمـعي لو أثابـا
وقد يبدأ أحدهم قصيدته بذكر أشياء معاصرة ، فيتحدث عن السفينة أو الطيارة ونحوهما ، على نحو قول البارودي في وصف القطار :
ولقد علوت سراة أدهم لو جرى
................................................ في شـأوه برق تعثَّر أو كَبـا
يطوي الفلا طَيَّ السجلِّ ويهتدِي
............................................ في كلِّ مهمهةٍ يضـِلُّ بها القطا
يجري على عجلٍ فلا يشكو الوَجَى
...........................................مدَّ النهار ، ولا يمِلُّ من السُّرى
لا الوخد منه ولا الرسيم ولا يُرى
...........................................يمشي العرضنة أو يسـير الهيدبا



ومع ذلك ، يظل الشاعر الإحيائي– كما يقول العقاد – " محافظاً سائراً على طريقة القدماء ، آخذاً بتقاليدهم ، متمسكاً بعمود شعرهم ؛ لأنه لم يغير المنهج ، ولم يبدل الخطة من حيث وصف الرحلة مثلاً ، والتمهيد بوصف أو ذكر ما يركب للدخول في الموضوع الأساسي "

4 – نسجوا على منوال القدماء في اختيار ألفاظهم ، فجاءت فصيحة جزلة ، وتمسكوا بإحكام الصياغة ، والأساليب البلاغية الشائعة في التراث الشعري القديم ، واقتبسوا من هذه الأساليب وضمنوها شعرهم ، وحافظوا بذلك على الديباجة العربية الأصيلة ، ورونق لفظها ، وجرسها الموسيقي .
5 – جاروا الشعر القديم – أيضاً – في تعدد الأغراض الشعرية في القصيدة الواحدة ، فتجد فيها الغزل والوصف والمديح والحكمة ، أو نحو ذلك ، وينتقلون من غرض إلى آخر كما كان يفعل الشاعر القديم .
6 – عارض كثير منهم روائع الشعر العربي القديم ، وقلدوها بقصائد مماثلة وزناً وقافية أو موضوعاً ، وأصبحت المعارضات ـ كما يقول أحد الباحثين ـ سمة من سمات العصر ، بسبب كثرتها ، حتى بدا إنتاج بعض الرواد ، وكأنه في مجمله معارضة للشعر العربي القديم . . على نحو ما ترى عند البارودي وابن عثيمين والكاظمي وشوقي وغيرهم ، مع اختلاف أغراضهم في المعارضة ؛ فقد تكون لترويض القول ، واستكمال ثقافتهم الفنية والتمكن من الأداة التعبيرية ، او الاستفادة من معجم الأوائل الشعري ، في المحاولات الأولى لنظم الشعر ، وقد تكون معارضتهم فناً وإبداعاً لما تضمنته القصيدة التراثية من دلالة تاريخية أو حضارية ، كالتي تضمنته بائية أبي تمام في فتح عمورية من ايحاءات تاريخية تعيدنا إلى عصر كانت للعرب فيه اليد العليا عسكرياً وسياسياً وثقافياً ، فعارضها شوقي في قصيدته التي مطلعها :
الله أكبر كم في الفتح من عجب
.......................يا خالد الترك جدِّد خالد العرب


وقال ابن عثيمين منبهراً بانتصار الملك عبد العزيز سنة 1331هـ :

العزُّ والمجدُ في الهنديِّة القُضُب
............................................ لا في الرسائل والتنميق للخطب


بينما أكثر الشعراء من معارضة ( البردة ) لمناسبتها الروحية ، ونجاح الشاعر في إعطاء الرسول عليه السلام صورة البطل المنقذ من ظروفهم القاسية التي يعيشونها ، مع ما امتازت به من سهولة في اللفظ ، وشمول في الرؤية ، ودقة في التصوير . وقد يكون باعثهم على المعارضة هو التحدي والمنافسة الشعرية كما عند البارودي وشوقي
7 – هجروا كثيراً من الأغراض الشعرية التي كانت تسود في العصر العثماني كالألغاز والتأريخ الشعري ، وشعر التصوف ، وقلَّ عندهم الهجاء والفخر ؛ لأنها لم تعد تناسب الظروف الاجتماعية ، والسياسية في العصر الحديث .
8 – استحدثوا أغراضاً شعرية جديدة لم تكن معروفة من قبل في الشعر العربي ، كالشعر الوطني ، والشعر الاجتماعي ، والقصص المسرحي ، ونظموا في المناسبات الوطنية والسياسية والاجتماعية . واعتمدوا في نظمهم على الاسلوب الخطابي الذي يلائم المحافل ومجامع الجماهير . وأُخذ عليهم اهتمامهم بالصياغة البيانية والإفراط فيها ، دون عناية بالمضمون ، أو اهتمام بصدق التجربة والتعبير عن تجاربهم النفسية ، وذكر بعض النقاد أن شخصية الشاعر وطبعه ولون نظرته إلى الحياة والكون لا تتضح في شعره .
9 – كان شعرهم – في مجمله – هادفاً ، جاداً في معناه ، تنتشر الحكمة والموعظة بين ثناياه . ولعلهم في ذلك كانوا يجارون ما في التراث الشعري من حكمة ، وتأمل للحياة والكون . واعتمدوا عليها في رسالتهم الاصلاحية ، وهدفهم في تهذيب الأذواق ، وإصلاح المجتمعات .



وسوف نستعرض حياة بعض شعراء مدرسة الاحياء ونماذج من شعرهم
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كاتم العبرات
**** *
 **** *
كاتم العبرات


ذكر
عدد المشــــاركات : 277
المزاج : مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Mkayee10
نقاطي المكتسية : 11
الانتساب : 04/01/2008

مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدارس الشعر العربي في العصر الحديث.   مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. I_icon10الثلاثاء 6 مايو - 1:51

((محمود سامي البارودي))


ظل الشعر العربي ردحًا من الزمن في حالة من الضعف والوهن، يرسف في أغلال الصنعة اللفظية، ويخلو من المعاني الصادقة، والأخيلة المبتكرة، حتى إذا بدأ "محمد علي" نهضته الشاملة، أصاب الشعر العربي شيء من الحركة والنشاط، ودبت فيه الحياة واسترد بعضًا من عافيته، غير أنها لم تكن كافية لإعادة مجده القديم بقسماته وملامحه الزاهية، منتظرًا من يأخذ بيده إلى الآفاق الرحيبة والخيال البديع واللغة السمحة، والبيان الفخيم، وكان البارودي على موعد مع القدر، فجاء ليبث في حركة الشعر روح الحياة، ويعيد لها بعضًا من المجد التليد، بفضل موهبته الفذة، وسلامة ذوقه، واتساع ثقافته، وعمق تجاربه، ونبل فروسيته.

المولد والنشأة:

ولد محمود سامي البارودي بالقاهرة في (27من رجب 1255 هـ = 6 من أكتوبر 1839م) لأبوين من الجراكسة، وجاءت شهرته بالبارودي نسبة إلى بلدة "إيتاي البارود" التابعة لمحافظة البحيرة بمصر، وكان أحد أجداده ملتزمًا لها ويجمع الضرائب من أهلها.
نشأ البارودي في أسرة على شيء من الثراء والسلطان، فأبوه كان ضابطًا في الجيش المصري برتبة لواء، وعُين مديرًا لمدينتي "بربر" و"دنقلة" في السودان، ومات هناك، وكان ابنه محمود سامي حينئذ في السابعة من عمره.
تلقى البارودي دروسه الأولى في بيته، فتعلم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ النحو والصرف، ودرس شيئًا من الفقه والتاريخ والحساب، ثم التحق وهو في الثانية عشرة من عمره بالمدرسة الحربية سنة (1268هـ = 1852م)، وفي هذه الفترة بدأ يظهر شغفًا بالشعر العربي وشعرائه الفحول، وبعد أربع سنوات من الدراسة تخرّج برتبة "باشجاويش" ثم سافر إلى إستانبول مقر الخلافة العثمانية، والتحق بوزارة الخارجية، وتمكن في أثناء إقامته من إتقان التركية والفارسية ومطالعة آدابهما، وحفظ كثيرًا من أشعارهما، ودعته سليقته الشعرية المتوهجة إلى نظم الشعر بهما كما ينظم بالعربية، ولما سافر الخديوي إسماعيل إلى العاصمة العثمانية بعد توليه العرش ليقدم آيات الشكر للخلافة، ألحق البارودي بحاشيته، فعاد إلى مصر بعد غيبة طويلة امتددت ثماني سنوات، ولم يلبث أن حنّ البارودي إلى حياة الجندية، فترك معية الخديوي إلى الجيش برتبة بكباشي.
حياة الجندية
وفي أثناء عمله بالجيش اشترك في الحملة العسكرية التي خرجت سنة (1282 هـ = 1865م) لمساندة جيش الخلافة العثمانية في إخماد الفتنة التي نشبت في جزيرة "كريت"، وهناك أبلى البارودي بلاء حسنًا، وجرى الشعر على لسانه يتغنى ببلده الذي فارقه، ويصف جانبًا من الحرب التي خاض غمارها، في رائعة من روائعه الخالدة التي مطلعها:

أخذ الكرى بمعاقد الأجفان
وهفا السرى بأعنة الفرسان

والليل منشور الذوائب ضارب
فوق المتالع والربا بجران

لا تستبين العين في ظلماته
إلا اشتعال أسِنَّة المران

(الكرى: النوم، هفا: أسرع، السرى: السير ليلاً، المتالع: التلال، ضارب بجران: يقصد أن الليل يعم الكون ظلامه).

وبعد عودة البارودي من حرب كريت تم نقله إلى المعية الخديوية ياورًا خاصًا للخديوي إسماعيل، وقد ظل في هذا المنصب ثمانية أعوام، ثم تم تعيينه كبيرًا لياوران ولي العهد "توفيق بن إسماعيل" في (ربيع الآخر 1290هـ = يونيو 1873م)، ومكث في منصبه سنتين ونصف السنة، عاد بعدها إلى معية الخديوي إسماعيل كاتبًا لسره (سكرتيرًا)، ثم ترك منصبه في القصر وعاد إلى الجيش.
ولما استنجدت الدولة العثمانية بمصر في حربها ضد روسيا ورومانيا وبلغاريا والصرب، كان البارودي ضمن قواد الحملة الضخمة التي بعثتها مصر، ونزلت الحملة في "وارنة" أحد ثغور البحر الأسود، وحاربت في "أوكرانيا" ببسالة وشجاعة، غير أن الهزيمة لحقت بالعثمانيين، وألجأتهم إلى عقد معاهدة "سان استفانوا" في (ربيع الأول 1295هـ = مارس 1878م)، وعادت الحملة إلى مصر، وكان الإنعام على البارودي برتبة "اللواء" والوسام المجيدي من الدرجة الثالثة، ونيشان الشرف؛ لِمَا قدمه من ضروب الشجاعة وألوان البطولة.
العمل السياسي
بعد عودة البارودي من حرب البلقان تم تعيينه مديرًا لمحافظة الشرقية في (ربيع الآخر 1295هـ = إبريل 1878م)، وسرعان ما نقل محافظًا للقاهرة، وكانت مصر في هذه الفترة تمر بمرحلة حرجة من تاريخها، بعد أن غرقت البلاد في الديون، وتدخلت إنجلترا وفرنسا في توجيه السياسة المصرية، بعد أن صار لهما وزيران في الحكومة المصرية، ونتيجة لذلك نشطت الحركة الوطنية وتحركت الصحافة، وظهر تيار الوعي الذي يقوده "جمال الدين الأفغاني" لإنقاذ العالم الإسلامي من الاستعمار، وفي هذه الأجواء المشتعلة تنطلق قيثارة البارودي بقصيدة ثائرة تصرخ في أمته، توقظ النائم وتنبه الغافل، وهي قصيدة طويلة، منها:

جلبت أشطر هذا الدهر تجربة
وذقت ما فيه من صاب ومن عسل

فما وجدت على الأيام باقية
أشهى إلى النفس من حرية العمل

لكننا غرض للشر في زمن
أهل العقول به في طاعة الخمل

قامت به من رجال السوء طائفة
أدهى على النفس من بؤس على ثكل

ذلت بهم مصر بعد العز واضطربت
قواعد الملك حتى ظل في خلل

وبينما كان محمد شريف باشا رئيس مجلس النظار يحاول أن يضع للبلاد دستورًا قويمًا يصلح أحوالها ويرد كرامتها، فارضًا على الوزارة مسؤوليتها على كل ما تقوم به أمام مجلس شورى النواب، إذا بالحكومة الإنجليزية والفرنسية تكيدان للخديوي إسماعيل عند الدولة العثمانية لإقصائه الوزيرين الأجنبيين عن الوزارة، وإسناد نظارتها إلى شريف باشا الوطني الغيور، وأثمرت سعايتهما، فصدر قرار من الدولة العثمانية بخلع إسماعيل وتولية ابنه توفيق.
ولما تولّى الخديوي توفيق الحكم سنة (1296هـ = 1879م) أسند نظارة الوزارة إلى شريف باشا، فأدخل معه في الوزارة البارودي ناظرًا للمعارف والأوقاف، ونرى البارودي يُحيّي توفيقًا بولايته على مصر، ويستحثه إلى إصدار الدستور وتأييد الشورى، فيقول:

سن المشورة وهي أكرم خطة
يجري عليها كل راع مرشد

هي عصمة الدين التي أوحى بها
رب العباد إلى النبي محمد

فمن استعان بها تأيد ملكه
ومن استهان بها لم يرشد

غير أن "توفيق" نكص على عقبيه بعد أن تعلقت به الآمال في الإصلاح، فقبض على جمال الدين الأفغاني ونفاه من البلاد، وشرد أنصاره ومريديه، وأجبر شريف باشا على تقديم استقالته، وقبض هو على زمام الوزارة، وشكلها تحت رئاسته، وأبقى البارودي في منصبه وزيرًا للمعارف والأوقاف، بعدها صار وزيرًا للأوقاف في وزارة رياض.
وقد نهض البارودي بوزارة الأوقاف، ونقح قوانينها، وكون لجنة من العلماء والمهندسين والمؤرخين للبحث عن الأوقاف المجهولة، وجمع الكتب والمخطوطات الموقوفة في المساجد، ووضعها في مكان واحد، وكانت هذه المجموعة نواة دار الكتب التي أنشأها "علي مبارك"، كما عُني بالآثار العربية وكون لها لجنة لجمعها، فوضعت ما جمعت في مسجد الحاكم حتى تُبنى لها دار خاصة، ونجح في أن يولي صديقه "محمد عبده" تحرير الوقائع المصرية، فبدأت الصحافة في مصر عهدًا جديدًا.
ثم تولى البارودي وزارة الحربية خلفًا لرفقي باشا إلى جانب وزارته للأوقاف، بعد مطالبة حركة الجيش الوطنية بقيادة عرابي بعزل رفقي، وبدأ البارودي في إصلاح القوانين العسكرية مع زيادة رواتب الضباط والجند، لكنه لم يستمر في المنصب طويلاً، فخرج من الوزارة بعد تقديم استقالته (25 من رمضان 1298 = 22 من أغسطس 1881م)؛ نظرًا لسوء العلاقة بينه وبين رياض باشا رئيس الوزراء، الذي دس له عند الخديوي.


وزارة الثورة

عاد البارودي مرة أخرى إلى نظارة الحربية والبحرية في الوزارة التي شكلها شريف باشا عقب مظاهرة عابدين التي قام بها الجيش في (14 من شوال 1298 هـ = 9 من سبتمبر 1881م)، لكن الوزارة لم تستمر طويلاً، وشكل البارودي الوزارة الجديدة في (5 من ربيع الآخر 1299هـ = 24 من فبراير 1882م) وعين "أحمد عرابي" وزيرًا للحربية، و"محمود فهمي" للأشغال؛ ولذا أُطلق على وزارة البارودي وزارة الثورة؛ لأنها ضمت ثلاثة من زعمائها.
وافتتحت الوزارة أعمالها بإعداد الدستور، ووضعته بحيث يكون موائمًا لآمال الأمة، ومحققًا أهدافها، وحافظا كرامتها واستقلالها، وحمل البارودي نص الدستور إلى الخديوي، فلم يسعه إلا أن يضع خاتمه عليه بالتصديق، ثم عرضه على مجلس النواب.


الثورة العرابية

تم كشف مؤامرة قام بها بعض الضباط الجراكسة لاغتيال البارودي وعرابي، وتم تشكيل محكمة عسكرية لمحاكمة المتهمين، فقضت بتجريدهم من رتبهم ونفيهم إلى أقاصي السودان، ولمّا رفع "البارودي" الحكم إلى الخديوي توفيق للتصديق عليه، رفض بتحريض من قنصلي إنجلترا وفرنسا، فغضب البارودي، وعرض الأمر على مجلس النظار، فقرر أنه ليس من حق الخديوي أن يرفض قرار المحكمة العسكرية العليا وفقًا للدستور، ثم عرضت الوزارة الأمر على مجلس النواب، فاجتمع أعضاؤه في منزل البارودي، وأعلنوا تضامنهم مع الوزارة، وضرورة خلع الخديوي ومحاكمته إذا استمر على دسائسه.
انتهزت إنجلترا وفرنسا هذا الخلاف، وحشدتا أسطوليهما في الإسكندرية، منذرتين بحماية الأجانب، وقدم قنصلاهما مذكرة في (7 من رجب 1299هـ = 25 من مايو 1882م) بضرورة استقالة الوزارة، ونفي عرابي، وتحديد إقامة بعض زملائه، وقد قابلت وزارة البارودي هذه المطالب بالرفض في الوقت الذي قبلها الخديوي توفيق، ولم يكن أمام البارودي سوى الاستقالة، ثم تطورت الأحداث، وانتهت بدخول الإنجليز مصر، والقبض على زعماء الثورة العرابية وكبار القادة المشتركين بها، وحُكِم على البارودي وستة من زملائه بالإعدام، ثم خُفف إلى النفي المؤبد إلى جزيرة سرنديب.


البارودي في المنفى

أقام البارودي في الجزيرة سبعة عشر عامًا وبعض عام، وأقام مع زملائه في "كولومبو" سبعة أعوام، ثم فارقهم إلى "كندي" بعد أن دبت الخلافات بينهم، وألقى كل واحد منهم فشل الثورة على أخيه، وفي المنفى شغل البارودي نفسه بتعلم الإنجليزية حتى أتقنها، وانصرف إلى تعليم أهل الجزيرة اللغة العربية ليعرفوا لغة دينهم الحنيف، وإلى اعتلاء المنابر في مساجد المدينة ليُفقّه أهلها شعائر الإسلام.
وطوال هذه الفترة قال قصائده الخالدة، التي يسكب فيها آلامه وحنينه إلى الوطن، ويرثي من مات من أهله وأحبابه وأصدقائه، ويتذكر أيام شبابه ولهوه وما آل إليه حاله، ومضت به أيامه في المنفى ثقيلة واجتمعت عليه علل الأمراض، وفقدان الأهل والأحباب، فساءت صحته، واشتدت وطأة المرض عليه، ثم سُمح له بالعودة بعد أن تنادت الأصوات وتعالت بضرورة رجوعه إلى مصر، فعاد في (6 من جمادى الأولى 1317هـ = 12من سبتمبر 1899م).
شعر البارودي
يعد البارودي رائد الشعر العربي في العصر الحديث؛ حيث وثب به وثبة عالية لم يكن يحلم بها معاصروه، ففكّه من قيوده البديعية وأغراضه الضيقة، ووصله بروائعه القديمة وصياغتها المحكمة، وربطه بحياته وحياة أمته.
وهو إن قلّد القدماء وحاكاهم في أغراضهم وطريقة عرضهم للموضوعات وفي أسلوبهم وفي معانيهم، فإن له مع ذلك تجديدًا ملموسًا من حيث التعبير عن شعوره وإحساسه، وله معان جديدة وصور مبتكرة.
وقد نظم الشعر في كل أغراضه المعروفة من غزل ومديح وفخر وهجاء ورثاء، مرتسمًا نهج الشعر العربي القديم، غير أن شخصيته كانت واضحة في كل ما نظم؛ فهو الضابط الشجاع، والثائر على الظلم، والمغترب عن الوطن، والزوج الحاني، والأب الشفيق، والصديق الوفي.
وترك ديوان شعر يزيد عدد أبياته على خمسة آلاف بيت، طبع في أربعة مجلدات، وقصيدة طويلة عارض بها البوصيري، أطلق عليها "كشف الغمة"، وله أيضًا "قيد الأوابد" وهو كتاب نثري سجل فيه خواطره ورسائله بأسلوب مسجوع، و"مختارات البارودي" وهي مجموعة انتخبها الشاعر من شعر ثلاثين شاعرًا من فحول الشعر العباسي، يبلغ نحو 40 ألف بيت.


وفاته

بعد عودته إلى القاهرة ترك العمل السياسي، وفتح بيته للأدباء والشعراء، يستمع إليهم، ويسمعون منه، وكان على رأسهم شوقي وحافظ ومطران، وإسماعيل صبري، وقد تأثروا به ونسجوا على منواله، فخطوا بالشعر خطوات واسعة، وأُطلق عليهم "مدرسة النهضة" أو "مدرسة الأحياء".
ولم تطل الحياة بالبارودي بعد رجوعه، فلقي ربه في (4 من شوال 1322هـ = 12 من ديسمبر 1904م).




نماذج من شعره



هل من طبيب لداء الحب أو رأقي؟



هل من طبيب لداء الحب أو راقي@@@@@يشفي عليلا أخا حزن وايراق

قد كان ابقى الهوى من مهجتي رمقا@@@@حتى جرى البين فإستولى على الباقي

حزن براني واشواق رعت كبدي@@@@@يا ويح نفسي من حزن واشواق

للقصيده بقيه ولاكن مختصره


ســـــــــرنـــــــــد يـــــــــب

كفى بمقام في سرنديب غربة @@@@@ نزعت بها عني ثياب العلائق

ومن رام نيل العز فليصطبر على @@@@* لقاء المنايا واقتحام المضايق

للقصيده بقيه ولاكن مختصره

يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كاتم العبرات
**** *
 **** *
كاتم العبرات


ذكر
عدد المشــــاركات : 277
المزاج : مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Mkayee10
نقاطي المكتسية : 11
الانتساب : 04/01/2008

مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدارس الشعر العربي في العصر الحديث.   مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. I_icon10الثلاثاء 6 مايو - 1:52

((أحمد شوقي))

كان الشعر العربي على موعد مع القدر، ينتظر من يأخذ بيده، ويبعث فيه روحًا جديدة تبث فيه الحركة والحياة، وتعيد له الدماء في الأوصال، فتتورد وجنتاه نضرة وجمالاً بعد أن ظل قرونًا عديدة واهن البدن، خامل الحركة، كليل البصر.
وشاء الله أن يكون "البارودي" هو الذي يعيد الروح إلى الشعر العربي، ويلبسه أثوابًا قشيبة، زاهية اللون، بديعة الشكل والصورة، ويوصله بماضيه التليد، بفضل موهبته الفذة وثقافته الواسعة وتجاربه الغنية.
ولم يشأ الله تعالى أن يكون البارودي هو وحده فارس الحلبة ونجم عصره- وإن كان له فضل السبق والريادة- فلقيت روحه الشعرية الوثابة نفوسًا تعلقت بها، فملأت الدنيا شعرًا بكوكبة من الشعراء من أمثال: إسماعيل صبري، وحافظ إبراهيم، وأحمد محرم، وأحمد نسيم، وأحمد الكاشف، وعبد الحليم المصري. وكان أحمد شوقي هو نجم هذه الكوكبة وأميرها بلا منازع عن رضى واختيار، فقد ملأ الدنيا بشعره، وشغل الناس، وأشجى القلوب.


المولد والنشأه

ولد أحمد شوقي بحي الحنفي بالقاهرة في (20 من رجب 1287 هـ = 16 من أكتوبر 1870م) لأب شركسي وأم من أصول يونانية، وكانت جدته لأمه تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل، وعلى جانب من الغنى والثراء، فتكفلت بتربية حفيدها ونشأ معها في القصر، ولما بلغ الرابعة من عمره التحق بكُتّاب الشيخ صالح، فحفظ قدرًا من القرآن وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية، وأظهر فيها نبوغًا واضحًا كوفئ عليه بإعفائه من مصروفات المدرسة، وانكب على دواوين فحول الشعراء حفظًا واستظهارًا، فبدأ الشعر يجري على لسانه.
وبعد أن أنهى تعليمه بالمدرسة وهو في الخامسة عشرة من عمره التحق بمدرسة الحقوق سنة (1303هـ = 1885م)، وانتسب إلى قسم الترجمة الذي قد أنشئ بها حديثًا، وفي هذه الفترة بدأت موهبته الشعرية تلفت نظر أستاذه الشيخ "محمد البسيوني"، ورأى فيه مشروع شاعر كبير، فشجّعه، وكان الشيخ بسيوني يُدّرس البلاغة في مدرسة الحقوق ويُنظِّم الشعر في مدح الخديوي توفيق في المناسبات، وبلغ من إعجابه بموهبة تلميذه أنه كان يعرض عليه قصائده قبل أن ينشرها في جريدة الوقائع المصرية، وأنه أثنى عليه في حضرة الخديوي، وأفهمه أنه جدير بالرعاية، وهو ما جعل الخديوي يدعوه لمقابلته.


السفر إلى فرنسا

وبعد عامين من الدراسة تخرّج من المدرسة، والتحق بقصر الخديوي توفيق، الذي ما لبث أن أرسله على نفقته الخاصة إلى فرنسا، فالتحق بجامعة "مونبلييه" لمدة عامين لدراسة القانون، ثم انتقل إلى جامعة باريس لاستكمال دراسته حتى حصل على إجازة الحقوق سنة (1311هـ = 1893م)، ثم مكث أربعة أشهر قبل أن يغادر فرنسا في دراسة الأدب الفرنسي دراسة جيدة ومطالعة إنتاج كبار الكتاب والشعر.


العودة إلى مصر

عاد شوقي إلى مصر فوجد الخديوي عباس حلمي يجلس على عرش مصر، فعيّنه بقسم الترجمة في القصر، ثم ما لم لبث أن توثَّقت علاقته بالخديوي الذي رأى في شعره عونًا له في صراعه مع الإنجليز، فقرَّبه إليه بعد أن ارتفعت منزلته عنده، وخصَّه الشاعر العظيم بمدائحه في غدوه ورواحه، وظل شوقي يعمل في القصر حتى خلع الإنجليز عباس الثاني عن عرش مصر، وأعلنوا الحماية عليها سنة (1941م)، وولّوا حسين كامل سلطنة مصر، وطلبوا من الشاعر مغادرة البلاد، فاختار النفي إلى برشلونة في إسبانيا، وأقام مع أسرته في دار جميلة تطل على البحر المتوسط.


شعره في هذه الفترة

ودار شعر شوقي في هذه الفترة التي سبقت نفيه حول المديح؛ حيث غمر الخديوي عباس حلمي بمدائحه والدفاع عنه، وهجاء أعدائه، ولم يترك مناسبة إلا قدَّم فيها مدحه وتهنئته له، منذ أن جلس على عرش مصر حتى خُلع من الحكم، ويمتلئ الديوان بقصائد كثيرة من هذا الغرض.
ووقف شوقي مع الخديوي عباس حلمي في صراعه مع الإنجليز ومع من يوالونهم، لا نقمة على المحتلين فحسب، بل رعاية ودفاعًا عن ولي نعمته كذلك، فهاجم رياض باشا رئيس النُظّار حين ألقى خطابًا أثنى فيه على الإنجليز وأشاد بفضلهم على مصر، وقد هجاه شوقي بقصيدة عنيفة جاء فيها:

غمرت القوم إطراءً وحمدًا
وهم غمروك بالنعم الجسام

خطبت فكنت خطبًا لا خطيبًا
أضيف إلى مصائبنا العظام

لهجت بالاحتلال وما أتاه
وجرحك منه لو أحسست دام

وبلغ من تشيعه للقصر وارتباطه بالخديوي أنه ذمَّ أحمد عرابي وهجاه بقصيدة موجعة، ولم يرث صديقه مصطفى كامل إلا بعد فترة، وكانت قد انقطعت علاقته بالخديوي بعد أن رفع الأخير يده عن مساندة الحركة الوطنية بعد سياسة الوفاق بين الإنجليز والقصر الملكي؛ ولذلك تأخر رثاء شوقي بعد أن استوثق من عدم إغضاب الخديوي، وجاء رثاؤه لمصطفى كامل شديد اللوعة صادق الأحزان، قوي الرنين، بديع السبك والنظم، وإن خلت قصيدته من الحديث عن زعامة مصطفى كامل وجهاده ضد المستعمر، ومطلع القصيدة:

المشرقان عليك ينتحبان
قاصيهما في مأتم والدان

يا خادم الإسلام أجر مجاهد
في الله من خلد ومن رضوان

لمّا نُعيت إلى الحجاز مشى الأسى
في الزائرين وروّع الحرمان

وارتبط شوقي بدولة الخلافة العثمانية ارتباطًا وثيقًا، وكانت مصر تابعة لها، فأكثر من مدح سلطانها عبد الحميد الثاني؛ داعيًا المسلمين إلى الالتفات حولها؛ لأنها الرابطة التي تربطهم وتشد من أزرهم، فيقول:

أما الخلافة فهي حائط بيتكم
حتى يبين الحشر عن أهواله

لا تسمعوا للمرجفين وجهلهم
فمصيبة الإسلام من جُهّاله

ولما انتصرت الدولة العثمانية في حربها مع اليونان سنة (1315هـ = 1987م) كتب مطولة عظيمة بعنوان "صدى الحرب"، أشاد فيها بانتصارات السلطان العثماني، واستهلها بقوله:
بسيفك يعلو والحق أغلب
وينصر دين الله أيان تضرب

وهي مطولة تشبه الملاحم، وقد قسمها إلى أجزاء كأنها الأناشيد في ملحمة، فجزء تحت عنوان "أبوة أمير المؤمنين"، وآخر عن "الجلوس الأسعد"، وثالث بعنوان "حلم عظيم وبطش أعظم". ويبكي سقوط عبد الحميد الثاني في انقلاب قام به جماعة الاتحاد والترقي، فينظم رائعة من روائعه العثمانية التي بعنوان "الانقلاب العثماني وسقوط السلطان عبد الحميد"، وقد استهلها بقوله:

سل يلدزا ذات القصور
هل جاءها نبأ البدور

لو تستطيع إجابة
لبكتك بالدمع الغزير

ولم تكن صلة شوقي بالترك صلة رحم ولا ممالأة لأميره فحسب، وإنما كانت صلة في الله، فقد كان السلطان العثماني خليفة المسلمين، ووجوده يكفل وحدة البلاد الإسلامية ويلم شتاتها، ولم يكن هذا إيمان شوقي وحده، بل كان إيمان كثير من الزعماء المصريين.
وفي هذه الفترة نظم إسلامياته الرائعة، وتعد قصائده في مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم) من أبدع شعره قوة في النظم، وصدقًا في العاطفة، وجمالاً في التصوير، وتجديدًا في الموضوع، ومن أشهر قصائده "نهج البردة" التي عارض فيها البوصيري في بردته، وحسبك أن يعجب بها شيخ الجامع الأزهر آنذاك محدث العصر الشيخ "سليم البشري" فينهض لشرحها وبيانها. يقول في مطلع القصيدة:

ريم على القاع بين البان والعلم
أحل سفك دمي في الأشهر الحرم

ومن أبياتها في الرد على مزاعم المستشرقين الذين يدعون أن الإسلام انتشر بحد السيف:

قالوا غزوت ورسل الله ما بعثوا
لقتل نفس ولا جاءوا لسفك دم

جهل وتضليل أحلام وسفسطة
فتحت بالسيف بعد الفتح بالقلم

ويلحق بنهج البردة قصائد أخرى، مثل: الهمزية النبوية، وهي معارضة أيضًا للبوصيري، وقصيدة ذكرى المولد التي مطلعها:

سلوا قلبي غداة سلا وتابا
لعل على الجمال له عتابًا

كما اتجه شوقي إلى الحكاية على لسان الحيوان، وبدأ في نظم هذا الجنس الأدبي منذ أن كان طالبًا في فرنسا؛ ليتخذ منه وسيلة فنية يبث من خلالها نوازعه الأخلاقية والوطنية والاجتماعية، ويوقظ الإحساس بين مواطنيه بمآسي الاستعمار ومكائده.
وقد صاغ شوقي هذه الحكايات بأسلوب سهل جذاب، وبلغ عدد تلك الحكايات 56 حكاية، نُشرت أول واحدة منها في جريدة "الأهرام" سنة (1310هـ = 1892م)، وكانت بعنوان "الهندي والدجاج"، وفيها يرمز بالهندي لقوات الاحتلال وبالدجاج لمصر.


النفي إلى إسبانيا

وفي الفترة التي قضاها شوقي في إسبانيا تعلم لغتها، وأنفق وقته في قراءة كتب التاريخ، خاصة تاريخ الأندلس، وعكف على قراءة عيون الأدب العربي قراءة متأنية، وزار آثار المسلمين وحضارتهم في إشبيلية وقرطبة وغرناطة.
وأثمرت هذه القراءات أن نظم شوقي أرجوزته "دول العرب وعظماء الإسلام"، وهي تضم 1400 بيت موزعة على (24) قصيدة، تحكي تاريخ المسلمين منذ عهد النبوة والخلافة الراشدة، على أنها رغم ضخامتها أقرب إلى الشعر التعليمي، وقد نُشرت بعد وفاته.
وفي المنفى اشتد به الحنين إلى الوطن وطال به الاشتياق وملك عليه جوارحه وأنفاسه. ولم يجد من سلوى سوى شعره يبثه لواعج نفسه وخطرات قلبه، وظفر الشعر العربي بقصائد تعد من روائع الشعر صدقًا في العاطفة وجمالاً في التصوير، لعل أشهرها قصيدته التي بعنوان "الرحلة إلى الأندلس"، وهي معارضة لقصيدة البحتري التي يصف فيها إيوان كسرى، ومطلعها:
صنت نفسي عما يدنس نفسي
وترفعت عن جدا كل جبس

وقد بلغت قصيدة شوقي (110) أبيات تحدّث فيها عن مصر ومعالمها، وبثَّ حنينه وشوقه إلى رؤيتها، كما تناول الأندلس وآثارها الخالدة وزوال دول المسلمين بها، ومن أبيات القصيدة التي تعبر عن ذروة حنينه إلى مصر قوله:
أحرام على بلابله الدوح
حلال للطير من كل جنس

وطني لو شُغلت بالخلد عنه
نازعتني إليه في الخلد نفسي

شهد الله لم يغب عن جفوني
شخصه ساعة ولم يخل حسي


العودة إلى الوطن

عاد شوقي إلى الوطن في سنة (1339هـ = 1920م)، واستقبله الشعب استقبالاً رائعًا واحتشد الآلاف لتحيته، وكان على رأس مستقبليه الشاعر الكبير "حافظ إبراهيم"، وجاءت عودته بعد أن قويت الحركة الوطنية واشتد عودها بعد ثورة 1919م، وتخضبت أرض الوطن بدماء الشهداء، فمال شوقي إلى جانب الشعب، وتغنَّى في شعره بعواطف قومه وعبّر عن آمالهم في التحرر والاستقلال والنظام النيابي والتعليم، ولم يترك مناسبة وطنية إلا سجّل فيها مشاعر الوطن وما يجيش في صدور أبنائه من آمال.
لقد انقطعت علاقته بالقصر واسترد الطائر المغرد حريته، وخرج من القفص الذهبي، وأصبح شاعر الشعب المصري وترجمانه الأمين، فحين يرى زعماء الأحزاب وصحفها يتناحرون فيما بينهم، والمحتل الإنجليزي لا يزال جاثم على صدر الوطن، يصيح فيهم قائلاً:
إلام الخلف بينكم إلاما؟
وهذي الضجة الكبرى علاما؟

وفيم يكيد بعضكم لبعض
وتبدون العداوة والخصاما؟

وأين الفوز؟ لا مصر استقرت
على حال ولا السودان داما

ورأى في التاريخ الفرعوني وأمجاده ما يثير أبناء الشعب ويدفعهم إلى الأمام والتحرر، فنظم قصائد عن النيل والأهرام وأبي الهول. ولما اكتشفت مقبرة توت عنخ أمون وقف العالم مندهشًا أمام آثارها المبهرة، ورأى شوقي في ذلك فرصة للتغني بأمجاد مصر؛ حتى يُحرِّك في النفوس الأمل ويدفعها إلى الرقي والطموح، فنظم قصيدة رائعة مطلعها:
قفي يا أخت يوشع خبرينا
أحاديث القرون الغابرينا

وقصي من مصارعهم علينا
ومن دولاتهم ما تعلمينا

وامتد شعر شوقي بأجنحته ليعبر عن آمال العرب وقضاياهم ومعاركهم ضد المستعمر، فنظم في "نكبة دمشق" وفي "نكبة بيروت" وفي ذكرى استقلال سوريا وذكرى شهدائها، ومن أبدع شعره قصيدته في "نكبة دمشق" التي سجّل فيها أحداث الثورة التي اشتعلت في دمشق ضد الاحتلال الفرنسي، ومنها:

بني سوريّة اطرحوا الأماني
وألقوا عنكم الأحلام ألقوا

وقفتم بين موت أو حياة
فإن رمتم نعيم الدهر فاشقوا

وللأوطان في دم كل حرٍّ
يد سلفت ودين مستحقُّ

وللحرية الحمراء باب
بكل يد مضرجة يُدَقُّ

ولم تشغله قضايا وطنه عن متابعة أخبار دولة الخلافة العثمانية، فقد كان لها محبًا عن شعور صادق وإيمان جازم بأهميتها في حفظ رابطة العالم الإسلامي، وتقوية الأواصر بين شعوبه، حتى إذا أعلن "مصطفى كمال أتاتورك" إلغاء الخلافة سنة 1924 وقع الخبر عليه كالصاعقة، ورثاها رثاءً صادقًا في قصيدة مبكية مطلعها:

عادت أغاني العرس رجع نواح
ونعيت بين معالم الأفراح

كُفنت في ليل الزفاف بثوبه
ودفنت عند تبلج الإصباح

ضجت عليك مآذن ومنابر
وبكت عليك ممالك ونواح

الهند والهة ومصر حزينة
تبكي عليك بمدمع سحَّاح


إمارة الشعر

أصبح شوقي بعد عودته شاعر الأمة المُعبر عن قضاياها، لا تفوته مناسبة وطنية إلا شارك فيها بشعره، وقابلته الأمة بكل تقدير وأنزلته منزلة عالية، وبايعه شعراؤها بإمارة الشعر سنة (1346هـ = 1927م) في حفل أقيم بدار الأوبرا بمناسبة اختياره عضوًا في مجلس الشيوخ، وقيامه بإعادة طبع ديوانه "الشوقيات". وقد حضر الحفل وفود من أدباء العالم العربي وشعرائه، وأعلن حافظ إبراهيم باسمهم مبايعته بإمارة الشعر قائلاً:

بلابل وادي النيل بالشرق اسجعي
بشعر أمير الدولتين ورجِّعي

أعيدي على الأسماع ما غردت به
براعة شوقي في ابتداء ومقطع

أمير القوافي قد أتيت مبايعًا
وهذي وفود الشرق قد بايعت معي


مسرحيات شوقي

بلغ أحمد شوقي قمة مجده، وأحس أنه قد حقق كل أمانيه بعد أن بايعه شعراء العرب بإمارة الشعر، فبدأ يتجه إلى فن المسرحية الشعرية، وكان قد بدأ في ذلك أثناء إقامته في فرنسا لكنه عدل عنه إلى فن القصيد.
وأخذ ينشر على الناس مسرحياته الشعرية الرائعة، استمد اثنتين منها من التاريخ المصري القديم، وهما: "مصرع كليوباترا" و"قمبيز"، والأولى منهما هي أولى مسرحياته ظهورًا، وواحدة من التاريخ الإسلامي هي "مجنون ليلى"، ومثلها من التاريخ العربي القديم هي "عنترة"، وأخرى من التاريخ المصري العثماني وهي "علي بك الكبير"، وله مسرحيتان هزليتان، هما: "الست هدي"، و"البخيلة".
ولأمر غير معلوم كتب مسرحية "أميرة الأندلس" نثرًا، مع أن بطلها أو أحد أبطالها البارزين هو الشاعر المعتمد بن عباد.
وقد غلب الطابع الغنائي والأخلاقي على مسرحياته، وضعف الطابع الدرامي، وكانت الحركة المسرحية بطيئة لشدة طول أجزاء كثيرة من الحوار، غير أن هذه المآخذ لا تُفقِد مسرحيات شوقي قيمتها الشعرية الغنائية، ولا تنفي عنها كونها ركيزة الشعر الدرامي في الأدب العربي الحديث.



مكانة شوقي

منح الله شوقي موهبة شعرية فذة، وبديهة سيالة، لا يجد عناء في نظم القصيدة، فدائمًا كانت المعاني تنثال عليه انثيالاً وكأنها المطر الهطول، يغمغم بالشعر ماشيًا أو جالسًا بين أصحابه، حاضرًا بينهم بشخصه غائبًا عنهم بفكره؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية؛ إذ بلغ نتاجه الشعري ما يتجاوز ثلاثة وعشرين ألف بيت وخمسمائة بيت، ولعل هذا الرقم لم يبلغه شاعر عربي قديم أو حديث.
وكان شوقي مثقفًا ثقافة متنوعة الجوانب، فقد انكب على قراءة الشعر العربي في عصور ازدهاره، وصحب كبار شعرائه، وأدام النظر في مطالعة كتب اللغة والأدب، وكان ذا حافظة لاقطة لا تجد عناء في استظهار ما تقرأ؛ حتى قيل بأنه كان يحفظ أبوابًا كاملة من بعض المعاجم، وكان مغرمًا بالتاريخ يشهد على ذلك قصائده التي لا تخلو من إشارات تاريخية لا يعرفها إلا المتعمقون في دراسة التاريخ، وتدل رائعته الكبرى "كبار الحوادث في وادي النيل" التي نظمها وهو في شرخ الشباب على بصره بالتاريخ قديمه وحديثه.
وكان ذا حس لغوي مرهف وفطرة موسيقية بارعة في اختيار الألفاظ التي تتألف مع بعضها لتحدث النغم الذي يثير الطرب ويجذب الأسماع، فجاء شعره لحنًا صافيًا ونغمًا رائعًا لم تعرفه العربية إلا لقلة قليلة من فحول الشعراء.
وإلى جانب ثقافته العربية كان متقنًا للفرنسية التي مكنته من الاطلاع على آدابها والنهل من فنونها والتأثر بشعرائها، وهذا ما ظهر في بعض نتاجه وما استحدثه في العربية من كتابة المسرحية الشعرية لأول مرة.
وقد نظم الشعر العربي في كل أغراضه من مديح ورثاء وغزل، ووصف وحكمة، وله في ذلك أوابد رائعة ترفعه إلى قمة الشعر العربي، وله آثار نثرية كتبها في مطلع حياته الأدبية، مثل: "عذراء الهند"، ورواية "لادياس"، و"ورقة الآس"، و"أسواق الذهب"، وقد حاكى فيه كتاب "أطواق الذهب" للزمخشري، وما يشيع فيه من وعظ في عبارات مسجوعة.
وقد جمع شوقي شعره الغنائي في ديوان سماه "الشوقيات"، ثم قام الدكتور محمد صبري السربوني بجمع الأشعار التي لم يضمها ديوانه، وصنع منها ديوانًا جديدًا في مجلدين أطلق عليه "الشوقيات المجهولة".

وفاته

ظل شوقي محل تقدير الناس وموضع إعجابهم ولسان حالهم، حتى إن الموت فاجأه بعد فراغه من نظم قصيدة طويلة يحيي بها مشروع القرش الذي نهض به شباب مصر، وفاضت روحه الكريمة في (13 من جمادى الآخرة = 14 من أكتوبر 1932م.






من شعره

قصيدة نهج البردة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم((بعض منها)):


ريمٌ عَلـى القـاعِ بَيـــــــــنَ البـانِ وَالعَلَـمِ


أَحَلَّ سَفكَ دَمـي فـي الأَشهُـر الحُــــــرُمِ

رَمــــــــى القَضـاءُ بِعَينَـي جُـؤذَرٍ أَسَـداً


يـا ساكِـنَ القـاعِ أَدرِك ساكِــــــــنَ الأَجَـمِ

لَمّـا رَنــــــــــــا حَدَّثَتنـي النَـفـسُ قائِـلَـةً


يا وَيـحَ جَنبِكَ بِالسَهـمِ المُصيـبِ رُمـي

جَحَدتُهـا وَكَتَمـتُ السَهــــــــمَ فـي كَبِـدي


جُــــــــرحُ الأَحِبَّـةِ عِنـدي غَيـرُ ذي أَلَـمِ

يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كاتم العبرات
**** *
 **** *
كاتم العبرات


ذكر
عدد المشــــاركات : 277
المزاج : مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Mkayee10
نقاطي المكتسية : 11
الانتساب : 04/01/2008

مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدارس الشعر العربي في العصر الحديث.   مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. I_icon10الثلاثاء 6 مايو - 1:53

((حافظ أبراهيم))




مولده ونشأتة


ولد الشاعر حافظ إبراهيم سنة 1872 م من أب مصري وأم تركية على ظهر سفينة صغيرة فوق النيل. يتصف حافظ إبراهيم بثلاث صفات يرويها كل من عاشره وهي حلاوة الحديث، وكرم النفس، وحب النكتة والتنكيت.

كان حافظ إبراهيم – رحمه الله – أحدى أعاجيب زمانه، ليس فقط فى جزالة شعره بل فى قوة ذاكرته التى قاومت السنين ولم يصيبها الوهن والضعف على مر 60 سنة هى عمر حافظ إبراهيم، فإنها ولا عجب إتسعت لآلاف الآلاف من القصائد العربية القديمة والحديثة ومئات المطالعات والكتب وكان بإستطاعته – بشهادة أصدقائه – أن يقرأ كتاب أو ديوان شعر كامل فى عده دقائق وبقراءة سريعة ثم بعد ذلك يتمثل ببعض فقرات هذا الكتاب أو أبيات ذاك الديوان. وروى عنه بعض أصدقائه أنه كان يسمع قارئ القرآن فى بيت خاله يقرأ سورة الكهف أو مريم او طه فيحفظ ما يقوله ويؤديه كما سمعه بالروايه التى سمع القارئ يقرأ بها. يعتبر شعره سجل الأحداث، إنما يسجلها بدماء قلبه وأجزاء روحه ويصوغ منها أدبا قيما يحث النفوس ويدفعها إلى النهضة، سواء أضحك في شعره أم بكى وأمل أم يئس، فقد كان يتربص كل حادث هام يعرض فيخلق منه موضوعا لشعره ويملؤه بما يجيش في صدره.

وللأسف, مع تلك الهبة الرائعة التى قلما يهبها الله – عز وجل – لإنسان , فأن حافظ رحمه الله أصابه - ومن فترة امتدت من 1911 إلى 1932 – داء اللامباله والكسل وعدم العناية بتنميه مخزونه الفكرى وبالرغم من إنه كان رئيساً للقسم الأدبى بدار الكتب إلا أنه لم يقرأ فى هذه الفترة كتاباً واحداً من آلاف الكتب التى تذخر بها دار المعارف! الذى كان الوصول إليها يسير بالنسبه لحافظ، ولا أدرى حقيقة سبب ذلك ولكن أحدى الآراء تقول ان هذه الكتب المترامية الأطراف القت فى سأم حافظ الملل! ومنهم من قال بأن نظر حافظ بدا بالذبول خلال فترة رئاسته لدار الكتب وخاف من المصير الذى لحق بالبارودى فى أواخر أيامه.

كان حافظ إبراهيم رجل مرح وأبن نكتة وسريع البديهة يملأ المجلس ببشاشته و فكاهاته الطريفة التى لا تخطأ مرماها.
وأيضاً تروى عن حافظ أبراهيم مواقف غريبة مثل تبذيره الشديد للمال فكما قال العقاد ( مرتب سنة فى يد حافظ إبراهيم يساوى مرتب شهر ) ومما يروى عن غرائب تبذيره أنه استأجر قطار كامل ليوصله بمفرده إلى حلوان حيث يسكن وذلك بعد مواعيد العمل الرسمية.
مثلما يختلف الشعراء فى طريقة توصيل الفكرة أو الموضوع إلى المستمعين أو القراء، كان لحافظ إبراهيم طريقته الخاصة فهو لم يكن يتمتع بقدر كبير من الخيال ولكنه أستعاض عن ذلك بجزالة الجمل وتراكيب الكلمات وحسن الصياغة بالأضافة أن الجميع اتفقوا على انه كان أحسن خلق الله إنشاداً للشعر. ومن أروع المناسبات التى أنشد حافظ بك فيها شعره بكفاءة هى حفلة تكريم أحمد شوقى ومبايعته أميراً للشعر فى دار الأوبرا، وأيضاً القصيدة التى أنشدها ونظمها فى الذكرى السنوية لرحيل مصطفى كامل التى خلبت الألباب وساعدها على ذلك الأداء المسرحى الذى قام به حافظ للتأثير فى بعض الأبيات، ومما يبرهن ذلك ذلك المقال الذى نشرته أحدى الجرائد والذى تناول بكامله فن إنشاد الشعر عند حافظ. ومن الجدير بالذكر أن أحمد شوقى لم يلقى فى حياته قصيدة على ملأ من الناس حيث كان الموقف يرهبه فيتلعثم عند الإلقاء.


أقوال عن حافظ إبراهيم


حافظ كما يقول عنه مطران خليل مطران "أشبه بالوعاء يتلقى الوحى من شعور الأمة وأحاسيسها ومؤثراتها فى نفسه, فيمتزج ذلك كله بشعوره و إحساسه، فيأتى منه القول المؤثر المتدفق بالشعور الذى يحس كل مواطن أنه صدى لما فى نفسه". ويقول عنه أيضاً "حافظ المحفوظ من أفصح أساليب العرب ينسج على منوالها ويتذوق نفائس مفرادتها وإعلاق حلالها." وأيضاً "يقع إليه ديوان فيتصفحه كله وحينما يظفر بجيده يستظهره، وكانت محفوظاته تعد بالألوف وكانت لا تزال ماثلة فى ذهنه على كبر السن وطول العهد، بحيث لا يمترى إنسان فى ان هذا الرجل كان من أعاجيب الزمان".
وقال عنه العقاد "مفطوراً بطبعه على إيثار الجزالة و الإعجاب بالصياغة والفحولة فى العبارة."
كان أحمد شوقى يعتز بصداقه حافظ إبراهيم ويفضله على أصدقائه. و كان حافظ إبراهيم يرافقه فى عديد من رحلاته وكان لشوقى أيادى بيضاء على حافظ فساهم فى منحه لقب بك و حاول ان يوظفه فى جريدة الأهرام ولكن فشلت هذه المحاولة لميول صاحب الأهرام - وكان حينذاك من لبنان - نحو الإنجليز وخشيته من المبعوث البريطانى اللورد كرومر.




وفاته:

توفي حافظ ابراهيم سنة 1932 م في الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس، وكان قد أستدعى 2 من أصحابه لتناول العشاء ولم يشاركهما لمرض أحس به. وبعد مغادرتهما شعر بوطئ المرض فنادى غلامه الذى أسرع لإستدعاء الطبيب وعندما عاد كان حافظ فى النزع الاخير، توفى رحمه الله ودفن في مقابر السيدة نفيسة (رضي الله عنها).
وعندما توفى حافظ كان أحمد شوقى يصطاف فى الإسكندرية و بعدما بلّغه سكرتيره – أى سكرتير شوقى - بنبأ وفاة حافظ بعد ثلاث أيام لرغبة سكرتيره فى إبعاد الأخبار السيئة عن شوقي ولعلمه بمدى قرب مكانة حافظ منه، شرد شوقي لحظات ثم رفع رأسه وقال أول بيت من مرثيته لحافظ:
قد كنت أوثر أن تقول رثائي

يا منصف الموتى من الأحياء





نماذج من شعره



ومن أشهر قصائد حافظ ابراهيم هي القصيدة التي قالها في ((عمر بن الخطاب)):



(عمر الخطاب)

حسب القوافي و حسبي حين ألقيها **** أني إلى ساحة الفاروق أهديها

لاهم هب لي بيانا أستعين به **** على قضاء حقوق نام قاضـيها

قد نازعتني نفسي أن أوفيها **** و ليس في طوق مثلي أن يوفيها

فمر سري المعاني أن يواتيني **** فيها فإني ضعيف الحال واهيها

يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كاتم العبرات
**** *
 **** *
كاتم العبرات


ذكر
عدد المشــــاركات : 277
المزاج : مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Mkayee10
نقاطي المكتسية : 11
الانتساب : 04/01/2008

مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدارس الشعر العربي في العصر الحديث.   مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. I_icon10الثلاثاء 6 مايو - 1:56

مدرسة الديوان

جماعة الديوان. أطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى الكتاب النقدي الذي أصدره عباس محمود العقّاد وإبراهيم عبد القادر المازني (1921م) وشاركهما في تأسيس هذه الجماعة عبد الرحمن شكري. انظر: العقاد، عباس محمود؛ المازني، إبراهيم عبد القادر؛ شكري، عبد الرحمن.

تُعد هذه الجماعة طليعة الجيل الجديد الذي جاء بعد جيل شوقي وحافظ إبراهيم وخليل مطران. وكانت الجماعة التي تزعمتها قد تزودت بالمعارف والثقافة الغربية، وقد حرصت هذه الجماعة على أشياء ودعت إليها ، منها:
1- الدعوة إلى التعبير عن الذات بتخليص الشعر من صخب الحياة وضجيجها.
2- الدعوة إلى الوحدة العضوية في الشعر بحيث تكون القصيدة عملاً متكاملاً.
3- الدعوة إلى تنويع القوافي والتحرر من قيود القافية الواحدة.
4- العناية بالمعنى والاتجاه التأمُّلي والفلسفي.
5- تصوير جواهر الأشياء والبعد عن مظاهرها.
6- تصوير الطبيعة وسبر أغوارها والتأمُّل فيما وراءها.

والديوان كتاب في النقد، شارك في إخراجه العقاد والمازني، وكان العزم على أن يخرج هذا الكتاب في عشرة أجزاء، غيرأنه لم يخرج منه سوى جزءين. وهو كتاب موجّه نحو نقد القديم، حاول فيه العقاد تحطيم زعامة شوقي الشعرية؛ فهاجم أساليب شوقي، وعاب شعره وشعر حافظ إبراهيم في السياسة والاجتماع، لكون عواطفهما سطحية تقف عند القشور دون اللُّباب، ولكون الشعر الصحيح هو الذي يتعمق وراء القشور ويعبّر عن سرائر الأمة وجوانبها النفسية، لأنها مكْمَنُ المشكلة. وقد هاجم العقاد، في الجزء الأول أيضًا، الصَّحافة ¸التي أقامت لشوقي وزنًا، وجعلت له في كل يوم زَفّة·.

أما الجزء الثاني فقد تصدّى فيه المازني للمنفلوطي وحاول أيضًا تحطيمه واسمًا أدبه بالضَّعف، ووصمه بكل قبيح، واتهمه بأنه يتجه في أدبه اتجاه التّخنُّث.

وتجاوب مع تيار العقاد والمازني، ميخائيل نعيمة رائد التجديد في الأدب المهجري، وأخرج، بعد عامين، كتابه النَّقدي الغربال (1923م). ومضى فيه على طريقة المازني والعقاد في الهجوم على القديم والدعوة إلى الانعتاق منه.

لم يكتب لهذه الجماعة الاستمرار، ولو كتب لها ذلك لكان من الممكن أن يكون تأثيرها عميقًا على الحركة الأدبية. ولكن دبّ الخلاف بين اثنين من مؤسسيها، المازني وشكري، حين اتّهم المازني شكريًّا بأنه سرق عددًا من قصائد الشعر الإنجليزي وضمنها بعض دواوينه، وقد كشف المازني هذه القصائد وحدد مصادرها، فما كان من شكري إلا التصدي للمازني في كتابه صنم الألاعيب. واحتدم الصّراع بينهما، فاعتزل شكري الأدب ثم تلاه المازني، وبقي العقاد في الديوان وحده. ثم إن العقاد نفسه رجع عن كثير من أفكاره، خاصة تلك المتعلقة بعمود الشعر، وذكر أنه أمضى في التيار الجديد نحوًا من ثلاثين سنة، ومع ذلك، فإن أذنه لم تألف موسيقى الشعر الجديد وإيقاعه.


يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كاتم العبرات
**** *
 **** *
كاتم العبرات


ذكر
عدد المشــــاركات : 277
المزاج : مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Mkayee10
نقاطي المكتسية : 11
الانتساب : 04/01/2008

مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدارس الشعر العربي في العصر الحديث.   مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. I_icon10الثلاثاء 6 مايو - 1:56

((عباس محمود العقاد))

تبوأ العقاد مكانة عالية في النهضة الأدبية الحديثة ندر من نافسه فيها، فهو يقف بين أعلامها، وكلهم هامات سامقة، علمًا شامخًا وقمة باذخة، يبدو لمن يقترب منه كالبحر العظيم من أي الجهات أتيته راعك اتساعه، وعمقه، أو كقمة الهرم الراسخ لا ترقى إليه إلا من قاعدته الواسعة، واجتمع له ما لم يجتمع لغيره من المواهب والملَكَات، فهو كاتب كبير، وشاعر لامع، وناقد بصير، ومؤرخ حصيف، ولغوي بصير، وسياسي حاذق، وصحفي نابه، ولم ينل منزلته الرفيعة بجاه أو سلطان، أو بدرجات، وشهادات، بل نالها بمواهبه المتعددة، وهمته العالية، ودأبه المتصل، عاش من قلمه وكتبه، وترفع عن الوظائف والمناصب لا كرها فيها، بل صونًا لحريته واعتزازًا بها، وخوفًا من أن تنازعه الوظائف عشقه للمعرفة.

وحياة العقاد سلسلة طويلة من الكفاح المتصل والعمل الدءوب، صارع الحياة والأحداث وتسامى على الصعاب، وعرف حياة السجن وشظف العيش، واضطهاد الحكام، لكن ذلك كله لم يُوهِنْ عزمه أو يصرفه عما نذر نفسه له، خلص للأدب والفكر مخلصًا له، وترهب في محراب العلم؛ فأعطاه ما يستحق من مكانة وتقدير.


المولد والنشأة

في مدينة أسوان بصعيد مصر، وُلِدَ عباس محمود العقاد في يوم الجمعة الموافق (29 من شوال 1306هـ= 28 من يونيو 1889)، ونشأ في أسرة كريمة، وتلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة أسوان الأميرية، وحصل منها على الشهادة الابتدائية سنة (1321هـ= 1903م) وهو في الرابعة عشرة من عمره.
وفي أثناء دراسته كان يتردد مع أبيه على مجلس الشيخ أحمد الجداوي، وهو من علماء الأزهر الذين لزموا جمال الدين الأفغاني، وكان مجلسه مجلس أدب وعلم، فأحب الفتى الصغير القراءة والاطلاع، فكان مما قرأه في هذه الفترة "المُسْتَطْرَف في كل فن مستظرف" للأبشيهي، و"قصص ألف ليلة وليلة"، وديوان البهاء زهير وغيرها، وصادف هذا هوى في نفسه، ما زاد إقباله على مطالعة الكتب العربية والإفرنجية، وبدأ في نظم الشعر.
ولم يكمل العقاد تعليمه بعد حصوله على الشهادة الابتدائية، بل عمل موظفًا في الحكومة بمدينة قنا سنة (1323هـ= 1905م) ثم نُقِلَ إلى الزقازيق سنة (1325هـ= 1907م) وعمل في القسم المالي بمديرية الشرقية، وفي هذه السنة توفي أبوه، فانتقل إلى القاهرة واستقر بها.



الاشتغال بالصحافة

ضاق العقاد بحياة الوظيفة وقيودها، ولم يكن له أمل في الحياة غير صناعة القلم، وهذه الصناعة ميدانها الصحافة، فاتجه إليها، وكان أول اتصاله بها في سنة (1325هـ= 1907م) حين عمل مع العلامة محمد فريد وجدي في جريدة الدستور اليومية التي كان يصدرها، وتحمل معه أعباء التحرير والترجمة والتصحيح من العدد الأول حتى العدد الأخير، فلم يكن معهما أحد يساعدهما في التحرير.
وبعد توقف الجريدة عاد العقاد سنة (1331هـ= 1912م) إلى الوظيفة بديوان الأوقاف، لكنه ضاق بها، فتركها، واشترك في تحرير جريدة المؤيد التي كان يصدرها الشيخ علي يوسف، وسرعان ما اصطدم بسياسة الجريدة، التي كانت تؤيد الخديوي عباس حلمي، فتركها وعمل بالتدريس فترة مع الكاتب الكبير إبراهيم عبد القادر المازني، ثم عاد إلى الاشتغال بالصحافة في جريدة الأهالي سنة (1336هـ= 1917م) وكانت تَصْدُر بالإسكندرية، ثم تركها وعمل بجريدة الأهرام سنة (1338هـ= 1919م) واشتغل بالحركة الوطنية التي اشتغلت بعد ثورة 1919م، وصار من كُتَّابها الكبار مدافعًا عن حقوق الوطن في الحرية والاستقلال، وأصبح الكاتب الأول لحزب الوفد، المدافع عنه أمام خصومه من الأحزاب الأخرى، ودخل في معارك حامية مع منتقدي سعد زغلول زعيم الأمة حول سياسة المفاوضات مع الإنجليز بعد الثورة.
وبعد فترة انتقل للعمل مع عبد القادر حمزة سنة (1342هـ= 1923م) في جريدة البلاغ، وارتبط اسمه بتلك الجريدة، وملحقها الأدبي الأسبوعي لسنوات طويلة، ولمع اسمه، وذاع صيته واُنْتخب عضوا بمجلس النواب، ولن يَنسى له التاريخ وقفته الشجاعة حين أراد الملك فؤاد إسقاط عبارتين من الدستور، تنص إحداهما على أن الأمة مصدر السلطات، والأخرى أن الوزارة مسئولة أمام البرلمان، فارتفع صوت العقاد من تحت قبة البرلمان على رؤوس الأشهاد من أعضائه قائلا: "إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه"، وقد كلفته هذه الكلمة الشجاعة تسعة أشهر من السجن سنة (1349هـ= 1930م) بتهمة العيب في الذات الملكية.
وظل العقاد منتميًا لحزب الوفد حتى اصطدم بسياسته تحت زعامة مصطفى النحاس باشا في سنة ( 1354هـ= 1935م) فانسحب من العمل السياسي، وبدأ نشاطُه الصحفي يقل بالتدريج وينتقل إلى مجال التأليف، وإن كانت مساهماته بالمقالات لم تنقطع إلى الصحف، فشارك في تحرير صحف روزاليوسف، والهلال، وأخبار اليوم، ومجلة الأزهر.



مؤلفات العقاد

عُرف العقاد منذ صغره بنهمه الشديد في القراءة، وإنفاقه الساعات الطوال في البحث والدرس، وقدرته الفائقة على الفهم والاستيعاب، وشملت قراءاته الأدب العربي والآداب العالمية فلم ينقطع يومًا عن الاتصال بهما، لا يحوله مانع عن قراءة عيونهما ومتابعة الجديد الذي يصدر منهما، وبلغ من شغفه بالقراءة أنه يطالع كتبًا كثيرة لا ينوي الكتابة في موضوعاتها حتى إن أديبًا زاره يومًا، فوجد على مكتبه بعض المجلدات في غرائز الحشرات وسلوكها، فسأله عنها، فأجابه بأنه يقرأ ذلك توسيعًا لنهمه وإدراكه، حتى ينفذ إلى بواطن الطبائع وأصولها الأولى، ويقيس عليها دنيا الناس والسياسة.
وكتب العقاد عشرات الكتب في موضوعات مختلفة، فكتب في الأدب والتاريخ والاجتماع مثل: مطالعات في الكتب والحياة، ومراجعات في الأدب والفنون، وأشتات مجتمعة في اللغة والأدب، وساعات بين الكتب، وعقائد المفكرين في القرن العشرين، وجحا الضاحك المضحك، وبين الكتب والناس، والفصول، واليد القوية في مصر.
ووضع في الدراسات النقدية واللغوية مؤلفات كثيرة، أشهرها كتاب "الديوان في النقد والأدب" بالاشتراك مع المازني، وأصبح اسم الكتاب عنوانًا على مدرسة شعرية عُرفت بمدرسة الديوان، وكتاب "ابن الرومي حياته من شعره"، وشعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي، ورجعة أبي العلاء، وأبو نواس الحسن بن هانئ، واللغة الشاعرية، والتعريف بشكسبير.
وله في السياسة عدة كتب يأتي في مقدمتها: "الحكم المطلق في القرن العشرين"، و"هتلر في الميزان"، وأفيون الشعوب"، و"فلاسفة الحكم في العصر الحديث"، و"الشيوعية والإسلام"، و"النازية والأديان"، و"لا شيوعية ولا استعمار".
وهو في هذه الكتب يحارب الشيوعية والنظم الاستبدادية، ويمجد الديمقراطية التي تكفل حرية الفرد، الذي يشعر بأنه صاحب رأي في حكومة بلاده، وبغير ذلك لا تتحقق له مزية، وهو يُعِدُّ الشيوعية مذهبًا هدَّامًا يقضي على جهود الإنسانية في تاريخها القديم والحديث، ولا سيما الجهود التي بذلها الإنسان للارتفاع بنفسه من الإباحية الحيوانية إلى مرتبة المخلوق الذي يعرف حرية الفكر وحرية الضمير.
وله تراجم عميقة لأعلام من الشرق والغرب، مثل "سعد زغلول، وغاندي وبنيامين فرانكلين، ومحمد علي جناح، وعبد الرحمن الكواكبي، وابن رشد، والفارابي، ومحمد عبده، وبرناردشو، والشيخ الرئيس ابن سينا".
وأسهم في الترجمة عن الإنجليزية بكتابين هما "عرائس وشياطين، وألوان من القصة القصيرة في الأدب الأمريكي".



أسلاميات العقاد

تجاوزت مؤلفات العقاد الإسلامية أربعين كتابًا، شملت جوانب مختلفة من الثقافة الإسلامية، فتناول أعلام الإسلام في كتب ذائعة، عرف كثير منها باسم العبقريات، استهلها بعبقرية محمد، ثم توالت باقي السلسلة التي ضمت عبقرية الصديق، وعبقرية عمر، وعبقرية علي، وعبقرية خالد، وداعي السماء بلال، وذو النورين عثمان، والصديقة بنت الصديق، وأبو الشهداء وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان، وفاطمة الزهراء والفاطميون.
وهو في هذه الكتب لا يهتم بسرد الحوادث، وترتيب الوقائع، وإنما يعني برسم صورة للشخصية تُعرِّفنا به، وتجلو لنا خلائقه وبواعث أعماله، مثلما تجلو الصورة ملامح من تراه بالعين.
وقد ذاعت عبقرياته واُشتهرت بين الناس، وكان بعضها موضوع دراسة الطلاب في المدارس الثانوية في مصر، وحظيت من التقدير والاحتفاء بما لم تحظ به كتب العقاد الأخرى.
وألَّف العقاد في مجال الدفاع عن الإسلام عدة كتب، يأتي في مقدمتها: حقائق الإسلام وأباطيل خصومه، والفلسفة القرآنية، والتفكير فريضة إسلامية، ومطلع النور، والديمقراطية في الإسلام، والإنسان في القرآن الكريم، والإسلام في القرن العشرين وما يقال عن الإسلام.
وهو في هذه الكتب يدافع عن الإسلام أمام الشبهات التي يرميه بها خصومه وأعداؤه، مستخدمًا علمه الواسع وقدرته على المحاجاة والجدل، وإفحام الخصوم بالمنطق السديد، فوازن بين الإسلام وغيره وانتهى من الموازنة إلى شمول حقائق الإسلام وخلوص عبادته وشعائره من شوائب الملل الغابرة حين حُرِّفت عن مسارها الصحيح، وعرض للنبوة في القديم والحديث، وخلص إلى أن النبوة في الإسلام كانت كمال النبوات، وختام الرسالات وهو يهاجم الذين يدعون أن الإسلام يدعو إلى الانقياد والتسليم دون تفكير وتأمل، ويقدم ما يؤكد على أن التفكير فريضة إسلامية، وأن مزية القرآن الأولى هي التنويه بالعقل وإعماله، ويكثر من النصوص القرآنية التي تؤيد ذلك، ليصل إلى أن العقل الذي يخاطبه الإسلام هو العقل الذي يعصم الضمير ويدرك الحقائق ويميز بين الأشياء.
وقد رد العقاد في بعض هذه الكتب ما يثيره أعداء الإسلام من شبهات ظالمة يحاولون ترويجها بشتى الوسائل، مثل انتشار الإسلام بالسيف، وتحبيذ الإسلام للرق، وقد فنَّد الكاتب هذه التهم بالحجج المقنعة والأدلة القاطعة في كتابه "ما يقال عن الإسلام".



شاعرية العقاد

لم يكن العقاد كاتبًا فذا وباحثًا دؤوبًا ومفكرًا عميقًا، ومؤرخًا دقيقًا فحسب، بل كان شاعرًا مجددًا، له عشرة دواوين، هي: يقظة الصباح، ووهج الظهيرة، وأشباح الأصيل، وأعاصير مغرب، وبعد الأعاصير، وأشجان الليل، ووحي الأربعين، وهدية الكروان، وعابر سبيل، وديوان من دواوين، وهذه الدواوين العشرة هي ثمرة ما يزيد على خمسين عامًا من التجربة الشعرية.
ومن أطرف دواوين العقاد ديوانه "عابر سبيل" أراد به أن يبتدع طريقة في الشعر العربي، ولا يجعل الشعر مقصورًا على غرض دون غرض، فأمور الحياة كلها تصلح موضوعًا للشعر؛ ولذا جعل هذا الديوان بموضوعات مستمدة من الحياة، ومن الموضوعات التي ضمها الديوان قصيدة عن "عسكري المرور" جاء فيها:

متحكم في الراكبـــين
وما لــــه أبدًا ركوبة
لهم المثوبة من بنــانك
حين تأمر والعقـــوبة
مُر ما بدا لك في الطـريق
ورض على مهل شعوبه
أنا ثائر أبدًا وما فـــي
ثورتي أبدًا صعـــوبة
أنا راكب رجلي فـــلا
أمْرٌ عليَّ ولا ضريبة


تقدير العقاد

لقي العقاد تقديرا وحفاوة في حياته من مصر والعالم العربي، فاخْتير عضوًا في مجمع اللغة العربية بمصر سنة (1359هـ= 1940م) فهو من الرعيل الأول من أبناء المجمع، واخْتير عضوًا مراسلا في مجمع اللغة العربية بدمشق، ونظيره في العراق، وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة (1379هـ= 1959م).
وتُرجمت بعض كتبه إلى اللغات الأخرى، فتُرجم كتابه المعروف "الله" إلى الفارسية، ونُقلت عبقرية محمد وعبقرية الإمام علي، وأبو الشهداء إلى الفارسية، والأردية، والملاوية، كما تُرجمت بعض كتبه إلى الألمانية والفرنسية والروسية.
وكان أدب العقاد وفكره ميدانًا لأطروحات جامعية تناولته شاعرًا وناقدًا ومؤرخًا وكاتبًا، وأطلقت كلية اللغة العربية بالأزهر اسمه على إحدى قاعات محاضراتها، وبايعه طه حسين بإمارة الشعر بعد موت شوقي، وحافظ إبراهيم، قائلا: "ضعوا لواء الشعر في يد العقاد، وقولوا للأدباء والشعراء أسرعوا واستظلوا بهذا اللواء، فقد رفعه لكم صاحبه".
وقد أصدرت دار الكتب نشرة بيلوجرافية وافية عن مؤلفات العقاد، وأصدر الدكتور حمدي السكوت أستاذ الأدب العربي بالجامعة الأمريكية كتابًا شاملا عن العقاد، اشتمل على بيلوجرافية لكل إنتاج العقاد الأدبي والفكري، ولا تخلو دراسة عن الأدب العربي الحديث عن تناول كتاباته الشعرية والنثرية.
واشْتُهر العقاد بصالونه الأدبي الذي كان يعقد في صباح كل جمعة، يؤمه تلامذته ومحبوه، يلتقون حول أساتذتهم، ويعرضون لمسائل من العلم والأدب والتاريخ دون الإعداد لها أو ترتيب، وإنما كانت تُطْرح بينهم ويُدلي كل منهم بدلوه، وعن هذه الجلسات الشهيرة أخرج الأستاذ أنيس منصور كتابه البديع " في صالون العقاد".


وفاة العقاد

ظل العقاد عظيم الإنتاج، لا يمر عام دون أن يسهم فيه بكتاب أو عدة كتب، حتى تجاوزت كتُبُه مائةَ كتاب، بالإضافة إلى مقالاته العديدة التي تبلغ الآلاف في بطون الصحف والدوريات، ووقف حياته كلها على خدمة الفكر الأدبي حتى لقي الله في (26 من شوال 1383هـ= 12 من مارس 1964م).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كاتم العبرات
**** *
 **** *
كاتم العبرات


ذكر
عدد المشــــاركات : 277
المزاج : مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Mkayee10
نقاطي المكتسية : 11
الانتساب : 04/01/2008

مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدارس الشعر العربي في العصر الحديث.   مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. I_icon10الثلاثاء 6 مايو - 1:57

((أبراهيم عبد القادر المازني))




مولده ونشأتة

ولد ابراهيم عبد القادر المازنى فى يوم الثلاثاء 19أغسطس 1890 بقرية (كومو مازن) بمحافظة المنوفية وترجع جذوره إلى قبيلة بنى مازن وهى من اشهر القبائل العربية بأرض الحجاز,وهاجر فرع من هذه القبيلة إلى مصر واندمج بالسلالة المصرية لتصبح عائلة المازنى مصرية تماماَ, فأصبح المازنى بذلك مصرى الجنسية.

وقد اتم ابراهيم دراسته الإبتدائية بالقرية التى كان يقطن بها, ثم التحق بالتعليم الثانوى فى التوفيقية الخديوية ثم التحق بكلية الطب ولكنه لم يستطع الاستمرار بها حيث كان مرهف الحس ولم يستطع تحمل مناظر التشريح وما إلى ذلك وقد كان وترك كلية الطب والتحق بكلية الحقوق ولكنه تركها أيضا لأن مصروفاتها كثيرة ثم انتقل إلى مدرسة المعلمين وقد تخرج منها عام 1909 ليعمل فى التدريس لمدة عشرة سنوات قضى منها خمسة فى مدارس الوزارة وخمساَ فى المدارس الحرة.


حياته الشخصية

كان والد عبد القادر المازنى مدرساَ للغة العربية ثم عمل محاميا شرعياَ كما كان مسئولاَ عن الشئون الشرعية فى القصر الملكى كما كان يتسم بأنه مزواج يعشق النساء وخاصة التركيات لجمالهن, ولأنه كان دائم السفر إلى اسطنبول أتاح له ذلك الزواج من عدد كبير من هؤلاء النساء التركيات وقد توفى الوالد عندما كان إبراهيم فى التاسعة من العمر , اما عن والدة إبراهيم فعلى الرغم من أن زوجها توفى وهى تناهز الثلاثين عاماَ إلى أنها رفضت أن تتزوج مرة أخرى وعاشت فترة كبيرة من الزمن تقدر ب32سنة باقية على ذكرى زوجها والذى ألمها كثيراَ بكثرة زواجاته, وقد كان يصفها المازنى كثيراَ بأنها (سيدة الدنيا) حيث أن لها مواقف مشرفة ومؤثرة فى حياته فقد أصرت أن يستكمل تعليمه وذلك بعد أن إقترح أخيه الأكبر أن يترك إبراهيم دراسته ليذهب للعمل حيث أن وضعهم المادى كان متأزماً وذلك لأن اخيه الأكبر ورث عن والده حب النساء فبدد ثروة أبيه فى أقل من عام لتعيش أسرة المازنى على الستر و الكفاف.

جميع ما سبق أثر في شخصية أديبنا حيث تعذب بعد أن بدد (أخوه الأكبر ثروة أبيهم ).. وكان ينظر إلى المرفهين فى أسى ويقول (ما ضر لو زادت الدنيا مرفها مدللا آخر.. أكانت تخرب ؟ .. أكان لابد لصلاحها أن أشقى وأتعذب هذا العذاب الغليظ ؟).. ويعترف المازنى بأن أستاذه الأول كان الفقر الذى أمده بالقوة والقدرة على الكفاح وعلمه التسامح والرفق والعطف وإيثار الحسنى، كما عوده ضبط النفس وحبب إليه الفقراء ..

وكان يقول «لو وسعنى أن أملأ الدنيا سروراً واغتباطاً لفعلت، فإنى عظيم الرثاء للخلق وأحسب أن هذا تعليل ميلى للفكاهة» وكان حلم حياته أن يربح من الكتابة مبلغاً يكفى لبناء دار لأولاده ولكنه لم يستطع تحقيق هذا الحلم البسيط ، وظل طوال الوقت يسكن وسط المقابر فى مدافن الإمام الشافعى وذلك طلباً للعزلة ولضيق ذات اليد . وقيل إنه سقط ليلاً فى مقبرة مفتوحة فاصطدم بالجثث مما أصابه بحالة من الفزع الرهيب . وقد دفعه الفقر إلى العمل الدائم والدائب حيث يقول «أقوم من النوم لأكتب وآكل وأنا أفكر فيما أكتب فألتهم لقمة وأخط سطرا أو بعض سطر وأنام فأحلم أنى اهتديت إلى موضوع وأفتح عينى فإذا بى قد نسيته وأشتاق أن ألاعب أولادى فيصدنى أن الوقت ضيق لا ينفسح للعب وأن على أن أكتب» . ولذلك فقد عاش دائم الخوف على نفسه ودائم الخوف من الناس.

يقول النقاد أنه اجتمع الفقر مع إعاقاته الجسدية والنفسية ليجعلوا كتاباته سوداوية حيث لايرى إلا الجانب القاتم كما كان عدميا لا تستوقفه غير النهايات؛ حيث كان الموت هو موضوعه الأثير فى قصائد ديوانه وفى عناوين كتبه وقد غلف كل هذا بالسخرية والفكاهة لدرجة أنه قد كتب رثاء لنفسه قال فيه :

أيهـــا الزائــر قبـرى اتل ما خط أمامـك
ها هنا فاعلم عظامى ليتها كانت عظامك

لعبت المراءة دور كبير فى حياة المازنى بدءاَ من والدته والتى كان لها دوراَ كبير ومؤثر بحياته حيث كانت صامدة قوية, وقد وضعها فى مرتبة (النموذج الأعلى) لمل يجب ان تكون عليه المرأة , ونرى ايضاَ أن زوجته قد أثرت بحياته وأثرت على ملامح شخصيته حيث أنه تزوج فى عام 1910 أى بعد تخرجه بعام واحد وبعد 11 عام رحلت زوجته بشكل مفاجئ وتركت له آلاما كبيرة وصدمة لا توصف كما تركت له ابنة اسمها (مندورة) كان يحبها إلى درجة العشق والوله وقد تفرغ لرعايتها لمدة سبع سنوات كاملة ثم رحلت هذه البنت بشكل مفاجئ ليدخل الرجل فى شرنقة من الحزن والشجن وكتب فى هذه الابنة الراحلة رثاء كثيراً أدمى القلوب وفجر أنهار الدموع.

تزوج المازنى بعد رحيل ابنته وتمنى أن ينجب بنتاً أخرى إلى جانب أولاده الذكور ، وقد جاءت الابنة بالفعل ولكنها رحلت مثل أختها لتترك قلب أبيها أطلالاً. وكان المازنى يؤكد أن المرأة أقوى من الرجل بقوة حيلتها وقوة جمالها وكان يرى الجمال روحاً وليس جسماً ورغم كثرة ما تردد عن غزواته النسائية إلا أنه لم يقل لأي امرأة (أحبك) اعتقاداً منه بأن هذه الكلمة سوف تجعله عبداً للمرأة التي ستسمعها منه. قد كان يستعذب التحدث عن شعوره بالضعف والنقص أمام النساء وكان يستعذب الحط من نفسه وليس هذا على سبيل (الماسوشية) أو (لذة تعذيب الذات) ولكنه كان يفعل ذلك لأنه على ثقة من قدراته .

- يقول:


مرَّتْ عشاءً بيَ فتّانةٌ.. يا حُسنَها لو أنَّ حسناً يدومْ
والجوُّ ساجٍ شاحبٌ بدرُهُ.. كأنّما أضناه طولُ الوجوم
فقلتُ يا غادةُ: أذكرتِني .. أحلامَ عيشٍ نسختْها الهموم
أمثلُ هذا الحسنِ لمّا يزلْ .. في عالم الشرِّ القديم العميم؟
ألم يزل (كوبيدُ) ذا صولةٍ .. يرمي فيُدْمي كلَّ قلبٍ سليم؟
قالتْ: ومَنْ (كوبيدُ) هذا الذي .. تذكره مقترناً بالكُلوم؟
فقلتُ: هذا ولد مولعٌ .. بصيدِ أكبادِ الورى كالغريم
فتمتمتْ عائذةً باسمِهِ .. من كلِّ شيطانٍ خبيث رجيم !

ومن الطريف بحياة المازنى العاطفية مغامرة عجيبة تعرض لها حيث استطاع شاب اسمه عبد الحميد رضا أن يوقع المازنى فى (فخ عاطفى) عندما أعطاه رسالة ادعى أنها من فتاة اسمها (فاخرة) وقد انطلت الحيلة على المازنى وظل يتبادل الرسائل العاطفية الساخنة مع هذه السيدة المزعومة ورغم أنه تشكك بعض الشىء إلى أنه تمادى فى هذه المغامرة حتى أخذ عبد الحميد رضا رسائل المازنى إلى إحدى المجلات ونشرها وكانت فضيحة مدوية .. ورغم هذا فقد كان المازنى يعتبر نفسه (دونجوانا) لا يبارى وقد كتب العقاد قصيدة عن المغامرات العاطفية مطلعها :


أنت فى مصر دائم التمهيد
بين حب عفى وحب جديد




أصدقاء المازني

أما عن الصداقة بحياة المازنى فقد كان له أصدقاء كثيرون أمثاله كتاب ونقاد ومبدعون وكانت علاقاته بهم متواترة فكان من أصدقائه شوقى والعقاد وعبد الرحمن شكرى وكتب ذات مرة مجموعة من المقالات فى جريدة السياسة عن مسرحيات شوقى الشعرية وقد قسا كثيراً على شوقى وقال عنه (قطعة متلكئة من قديم الزمن) .. كما اختلف هو والعقاد مع عبد الرحمن شكرى وهاجماه بعنف لدرجة أن المازنى وصفه بـ (صنم الألاعيب) مما دفع شكرى إلى الهرب إلى الإسكندرية ليعيش فى عزلة تامة .

كما أنه اشترك مع العقاد سنة1921فى كتاب"الديوان"وهاجم فيه شعر حافظ و شوقى وهاجمه عبد الرحمن شكرى فى مقدمة الجزء الخامس من ديوانه واتهمة بالاختلاس من الشعراء الغربيين وعندما اخرج المازنى كتاب الديوان مع العقاد هاجمه وكتب فيه فصلين بعنوان "صمم الألاعيب ".




المازنى فكاهى ساخر ولكن ......

كان المازنى قصير القامة جداَ حيث كان طوله لا يتجاوز 150سم مما جعله أقرب الى القزم وذلك غير أنه كان غير مستقبم فى مشيته بسب كسر مضاعف أصاب ساقه وترك له عاهة مستديمة جعلته (يعرج) فى مشيته مما استلزم (تفصيل حزام) بشكل معين حتى لايظهر هذا العرج بوضوح, ولهذا لجأ لسلاح آخر وهو السخرية اللاذعة من هذه الأشياء التى يعانى منها , فكان دائم الحديث عن تشويهاته الجسدية فى محاولة منه لمنع الآخرين من السخرية منه ، ونجده أيضاَ يصادق العقاد طويل القامة ويظل يذكر ذلك الوضع المضحك ويسخر منه فقد كان يصف نفسه بجوار العقاد بالرقم (10), ومع كل هذه السخرية والفكاهة فقد اتسمت كتاباته باليأس والحزن والرومانسية وكان يعزى نفسه بالتأكيد على أن الكاتب والفنان يجب أن يكون على يقين بأنه (ناقص) وسوف يبقى كذلك ومع هذا فقد كانت السخرية الوجه الآخر لروحه القلقة المعذبة .




السياسة لا تخدم الأديب

ورغم أن المازنى كان شخصية مرحة ساخرة الا أنه كان لديه قضيته التى يؤمن بها وهى انتماؤه وحسه الوطنى وقد اشترك مع د. محمد حسين هيكل ومحمد عبدالله عنان فى وضع كتاب اسمه (السياسة المصرية والانقلاب الدستورى) يهاجمون فيه الحكم الديكتاتورى لصدقى باشا . رغم هذا الحس الوطنى الواعى إلا أنه لم ينجح فى استثمار السياسة كما أن السياسة لم تخدمه، ففى الوقت الذى اختار العقاد أن يكون وفديا وأن يصبح كاتب الوفد الأول ..

وقف المازنى فى الجانب الذى لا يربح حيث وقف فى خندق الأحرار الدستوريين وهو ملىء بكبار المثقفين مثل أحمد لطفى السيد - طه حسين - محمد حسين هيكل - محمود عزمى وغيرهم إضافة إلى أنه لم يشارك فى معاركهم السياسية ورغم أنه كتب كثيراً فى جريدة (السياسة) لسان حال الأحرار الدستوريين إلا أنه كتب فى البلاغ وهى وفدية، ولكن المحصلة أن السياسة لم تخدمه كما خدمت العقاد وطه حسين ورغم هذا فقد كانت بعض آرائه السياسية (سابقة للعصر) حيث كان من أوائل الذين دعوا للوحدة العربية واعتبرها ضرورة محتمة لسلامة الشعوب العربية وأمنها وقد كتب فى عام 1935 مقالا بعنوان (القومية العربية) .. ولذلك فإن المازنى - عكس كثير من معاصريه - قد استمد شهرته من الأدب والكتابة فقط . كما كان المازني واحداً من أهم أعمدة النهضة الثقافية العربية وأهم الأصوات التى نادت بتجديد الثقافة العربية بتحويلها إلى عملة تنفع الناس .




روائى مبدع وصحفى بارع

بدأت إبداعاته بالشعر والصحافة حيث قرر فى عام 1919 بالتوقف عن التدريس والتفرغ للعمل بالصحافة.. ولم تكن الصحافة جديدة عليه فقد نشر مقالاته وقصائده فى العديد من الصحف منذ أن كان طالباً فى المعلمين - وعندما عمل بالتدريس لم ينقطع عن الصحافة وواصل النشر فى صحف كثيرة مثل الدستور ، الجريدة ، البيان ، عكاظ الأسبوعية ، الأفكار ، وادى النيل ، الأهالى ، وقد عين محرراَ بجريدة الأخبار ثم محرراَ بجريدة "السياسة الاسبوعية" ثم رئيساَ لتحرير جريدة السياسة اليومية ثم رئيساَ لتحرير جريدة "الأتحاد" كما انتخب وكيلاَ لمجلس نقابة الصحفين عام1941.

وقد علا نجم المازني عندما شارك صديقيه العقاد وعبد الرحمن شكرى فى الإعلان عند مدرسة الديوان فى الشعر؛ تلك المدرسة التى قامت على مهاجمة القديم المتمثل فى شعر حافظ وشوقى، وقد ألف المازنى والعقاد كتاب (الديوان) لوضع الأسس النظرية لهذه المدرسة التى تعد ثورة فى الشعر وتدعو إلى تنوع القوافى لتنوع الموسيقى ، كما تدعو إلى أن يكون الشعر تعبيراً عن الشاعر وأن تكون القصيدة ذات وحدة موضوعية بدلا من وحدة البيت كما يجب ألا تكون القصيدة تقليداً أو معارضة لشاعر قديم مهما كان شأنه).

تأثر المازنى كثيراً بأشعار ابن الرومى وعارضه فى بعض قصائده كما تأثر كثيراً بعدد من شعراء الغرب مثل شيلى - بيرنز - ميلتون - هينى .. وكان دائم التطوير والتجديد فى الأفكار والموضوعات مع الالتزام التام بالصدق فى التعبير ، وذلك على حساب الشكل الفنى والأساليب والعبارات ، ورغم هذا فقد كان يجد صعوبة فى تطويع الشعر لأفكاره خصوصاً قوافيه التى كانت تضطره إلى استخدام ألفاظ غريبة ومشتقات شاذة مما ألجأه إلى شرحها فى ديوانيه الأول والثانى ويرجع ذلك إلى تمسكه باللغة التقليدية فى بداية حياته ..

إلا أنه كان يرى الشعر ترجمة حميمة عن النفس وكشفا عن مكنوناتها ورغم أنه قد هجر الشعر فى سن السادسة والعشرين وهى سن صغيرة إلا أن (إنجازه الشعرى) لا يستهان به ؛ حيث أصدر ديوانه فى ثلاثة أجزاء ، صدر الجزء الأول منها عام 1914 كما كتب العديد من الكتب عن الشعر والشعراء مثل (شعر حافظ) ثم حصاد الهشيم - قبض الريح ، وفى هذين الكتابين دراسات عن العديد من الشعراء مثل المتنبى - ابن الرومى .. وله كتاب عن الشاعر (بشار بن برد) .. وفى كل هذه الكتب كان يقدم دراسات نفسية واجتماعية وتاريخية أى أنه كان يقدم العصر بكامله وكان هذا لوناً جديداً فى الدراسات الأدبية .

ساهم المازني كثيرا في تحديث الأدب المصرى والعربى وكانت السياسة التي رسمها وآخرون أن يكون الأدب تعبيراً عن الكاتب وتصويراً لما يجول فى نفسه وعقله ، والأهم أن المازني كان صاحب أسلوب لم يستطع أحد أن يستنسخه بعد أن استطاع أن يجعل من اللهجة المصرية لغة عربية فصيحة ؛ حيث وضع علامات الإعراب على حروف هذه اللهجة وجعل من ألفاظها اللينة الجميلة كلمات ناصعة فى معجم جديد للغة ليتكلم بها الناس كما كان حريصا على استخدام الفصحى بعد أن جعل العامية مطية لها وخادماً فى موكبها ، وكان أسلوبه خالياً من كل العثرات و(الكلكعة) .




تراث لا يستمع للاتهامات

ورغم تميز وتفرد المازنى فيما أبدعه إلا أن بعض النقاد قد اتهموه بسرقة بعض أجزاء روايته "إبراهيم الكاتب" من رواية (سانين) للأديب الروسى (يباشيف) كما اتهمه بعض النقاد بسرقة مسرحيته الوحيدة التى كتبها بعنوان (غريزة امرأة) من مسرحية (الشاردة) للأديب الإنجليزى (جو لسور ذى) . ولكن مثل هذه الاتهامات لم تؤثر كثيراً على المحصلة النهائية لإنجاز المازنى الذى كان من أبرع كتاب النصف الأول من القرن العشرين خاصة فى مقدرته على السخرية من الدنيا ومن الناس ومن نفسه .

كما كان من أوائل الذين قاموا بتعريف الأدب الغربى إلى قراء العربية وذلك نتيجة إجادته الرائعة للترجمة وقد ترجم العديد من الكتب المهمة مثل رباعيات الخيام - الآباء والأبناء لتور جنيف - سانين لآرتز يباشيف ، كما قدم ملخصات لروائع الأدب العالمى ونشرها فى مجلة (الصباح) لصاحبها مصطفى القشاش . وإضافة إلى كل هذا فقد كان صاحب الدعوة إلى إيجاد منهج جديد فى دراسة الأدب العربى والدعوة إلى نظرة جديدة إلى الأدب المصرى وقد توج دعوته بدراسة الأدب العربى وتاريخه دراسة متأنية بترتيب العصور وذلك عندما كان فى الخمسين من عمره .



اشهر كتبه:

(فى الطريق - صندوق الدنيا - الشعر غاياته ووسائله - من أحاديث المازنى - رحلة الحجاز - ميدو وشركاه - أقاصيص - من الناقد - ع الماشى - حديث الإذاعة) والغريب أن كل هذا الإبداع لم يشفع للمازنى لكى يحصل على أية جائزة !! ومن الواضح أنه كان مستشعراً لهذا الوضع الغريب فكتب يقول «عصرنا عصر تمهيد يقوم أبناؤه بقطع هذه الجبال التى سدت الطريق وتسوية الأرض لمن يأتون بعدهم .. وبعد أن تسوى الطريق يأتى نفر من بعدنا ويسيرون إلى آخره ويقيمون على جانبه القصور شامخة باذخة فيذكرون بقصورهم وننسى نحن الذين شغلوا بالتمهيد عن التشييد» .

عندما قدمه العقاد لكى يتبوأ مكانه فى مجمع اللغة العربية وصفه بالعبقرية فى النثر والشعر ، كما كان المازنى يكتب لأنه يحب الكتابة لذاتها وكان يرى الفن تعبيراً عن الحياة بما فيها من فردية وحرية وإبداع... وباختصار فقد كان المازنى فيلسوف الحياة والفردية والحرية .. وكان يتعامل مع الإنسان على أنه حيوان (فنى) يهتم بالجمال إلى جوار المنفعة .


وإذا كان المازنى (النموذج) لما يمكن أن تفعله العقد النفسية والجسدية مع المبدع الموهوب إلا أنه قد كسر بعض المسلَّمات فى سلوكيات أصحاب هذه العقد حيث كان من سماته الجميلة (التواضع) الشديد فرغم أن الذين يعانون من عقد نفسية لا بد وأن يصيبهم الغرور والتعالى كنوع من التعويض إلا أن المازنى كان شديد التواضع ، وكان ضد النجومية وشعبوى الهوى ولذلك تحققت له الجماهيرية الواسعة .

وفاتة:
بعد رحلة مثيرة من العطاء أصيب المازنى فى سنواته الأخيرة بهاجس الموت ثم مات بعد انتشار البولينا فى الدم .. ورحل فى عام 1949 عن عمر يناهز التاسعة والخمسين .




من شعره:



بأيدينا قلوبكم



بأيديـنـا قلـوبـكـم*****لنـا منهـا ألاعـيـب

وفينا الخيـر موجـودٌ*****ومنـا الشـر مجلـوب

وما عن صرفنا معـدى**** ولا في الأرض محجوب

نصـرف أمردنيـاكـم***** بمـا فيـه الأعاجيـب

ولو شئنا لكان النصـف ****لكـن فيـه تصعـيـب





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كاتم العبرات
**** *
 **** *
كاتم العبرات


ذكر
عدد المشــــاركات : 277
المزاج : مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Mkayee10
نقاطي المكتسية : 11
الانتساب : 04/01/2008

مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدارس الشعر العربي في العصر الحديث.   مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. I_icon10الثلاثاء 6 مايو - 1:58

جماعة أبولو

جماعة أبولو. اسم لحركة شعرية انبثقت من الصراع الدائر بين أنصار المدرسة التقليدية وحركة الديوان والنزعة الرومانسية، لتتبلور عام 1932م بريادة الشاعر أحمد زكي أبي شادي، انظر : أبو شادي، أحمد زكي، في حركة قائمة بذاتها متخذة من أبولو إله الفنون والعلوم والإلهام في الأساطير اليونانية اسمًا لها.

لم يكن لجماعة أبولو مذهب شعري بعينه، كما كان لحركة الديوان، التي انتمت للحركة الرومانسية ضد الاتجاه الكلاسيكي في الشعر. ولم يكتبْ لها بيان شعري يحدد نظرتها إلى الإبداع وقضاياه المتفرقة، من أسلوب ومضمون وشكل وفكر... إلخ. بل اكتفى أبوشادي بتقديم دستور إداري للجماعة، يحدد الأهداف العامة لها من السمو بالشعر العربي، وتوجيه جهود الشعراء في هذا الاتجاه، والرقي بمستوى الشعراء فنيًا واجتماعيًا وماديًا، ودعم النهضة الشعرية والسير بها قدما إلى الأمام.

انتخبت الجماعة أمير الشعراء أحمد شوقي أول رئيس لها. وبعد وفاته بعام واحد، تلاه خليل مطران، ثم أحمد زكي أبوشادي. واستمرت الحركة من (1932- 1936م). وكان لها مجلة دورية، مجلة أبولو التي توقفت (1934م)، تعد وثيقة أدبية وتاريخية وفكرية لهذه الجماعة التي نازعت حركة الديوان سيطرتها، وحّلت محّلها، فأنتجت جيلاً شعريًا ينتمي إلى الاتجاه الرومانسي بحق، من أمثال: إبراهيم ناجي، وعلي محمود طه، ومحمود حسن إسماعيل، ومحمد عبدالمعطي الهمشري وغيرهم.

وكان أثر مطران على الجماعة بارزًا، باعتراف محمد مندور وقولة إبراهيم ناجي المشهورة: (كلنا أصابتنا الحمى المطرانية). ويقصد بها نزعته التجديدية في الشعر وطابعه الذاتي الرومانسي.

ورغم أن هذه الحركة الشعرية لم تُعَمَّر طويلاً، إلا أنها تركت أصداءها في العالم العربي، وراسلها العديد من الشعراء والنقاد، أمثال: أبي القاسم الشابي، وآل المعلوف، ومن بينهم عيسى إسكندر وشفيق ابنه صاحب عبقر. كما نرى هذه الأصداء في بعض نتاج شعراء الحجاز أمثال: محمد حسن عواد وحسين سرحان. كما تجاوب معها ميخائيل نعيمة رائد حركة التجديد في المهجر، وقد نص على تجاوبه معها في مقدمة ديوانه الغربال.

اتسمت حركة جماعة أبولو، بأنها عمّقت الاتجاه الوجداني للشعر، وانفتحت على التراث الشعري الغربي بوساطة الترجمة من الشعر الأوروبي، ودعت إلى تعميق المضامين الشعرية واستلهام التراث بشكل مبدع، واستخدام الأسطورة والأساليب المتطورة للقصيدة، ولفتت الأنظار إلى تجريب أشكال جديدة للشعر المرسل والحر. كما التفتت إلى الإبداع في الأجناس الشعرية غير الغنائية لاسيما عند أبي شادي، ومهدت الطريق لظهور مجلة وحركة أخرى هي حركة مجلة الشعر في بيروت (1957م).

بالإضافة إلى ماتركه لنا شعراء هذه الجماعة من دواوين ومجموعات شعرية، تبدو فيها النزعة الرومانسية هي الأقوى مضموناً وشكلاً وانفعالاً، فإن مجلة أبولو التي كانت تنشر على الملأ قصائدهم وأفكارهم، كانت المنبر الذي التفّ حوله الشعراء من العواصم العربية والمنارة التي نشرت إشعاعاتهم. انظر: الشعر (مدارس الشعر).

ومجلة أبولو تعد وثيقة فنية تاريخية فكرية لهذه الحركة، التي لم تعمّر طويلاً، لكنها شعريًا كانت أكثر تأثيرًا من حركة الديوان التي عاقتها عن النمو الشعري هيمنة العقاد مُنظِّرًا وقائدًا، وارتبطت إنجازاتها بالنقد أكثر مما ارتبطت بالشعر، وغرَّبت عنها عبدالرحمن شكري الذي ينسجم شعره مع شعر الجيل الثاني لحركة أبولو.

وبرز دور الشاعر بوصفه فنانًا في حركة أبولو، كما برزت أهمية التجربة النفسية والوجدانية في عملية الإبداع الشعري لا محاكاة نماذج القدماء. وتحوّلت قضايا الشعر من قضايا المجتمع إلى قضايا الذات، واستكشف بعض شعراء الجماعة لغة شعرية جديدة متماسكة أكثر صفاءً ونقاءً من شعر التقليديين وأغراضهم الشعرية الموروثة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كاتم العبرات
**** *
 **** *
كاتم العبرات


ذكر
عدد المشــــاركات : 277
المزاج : مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Mkayee10
نقاطي المكتسية : 11
الانتساب : 04/01/2008

مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدارس الشعر العربي في العصر الحديث.   مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. I_icon10الثلاثاء 6 مايو - 1:58

مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Bismillah1

قوسأحمد زكي أبو شاديقوس2

مولدة ونشأتة:

هو أحمد زكي أبو شادي من مواليد مصر القاهرة 1892م نشأ وترعرع في القاهرة وتثقف في مدارسها إلى أن كبر ودخل مدرسة طب قصر العيني وسرعان ما تركها وسافر إلى انجلترا في 14 إبريل 1912م وجلس هناك لمدة عشر سنوات ثم عاد مرة أخرى إلى مصر ومكث إلى عام 1946م وفي التاريخ نفسه 14 إبريل هاجر إلى الولايات المتحدة ليعيش فيها حتى وفاته بـ 14 إبريل 1955م..

سيرة أديب:

الأديب والشاعر والفنان الناقد الأدبي الكبير أحمد زكي أبو شادي واحد ممن أعطوا ولم ينتظروا أدنى مقابل، هدفه عروبته وإسلامه وشعبه العربي المتناهي الأطراف وواحد ممن جعلوا سفينة المهجر تبسط أشرعتها إلى ما لا نهاية.

أحمد زكي أبو شادي هو من شعراء المهجر هاجر من مصر الكنانة متوجهاً إلى شمال غرب نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية وعندما وصل إليها عمل في إذاعة " صوت أمريكا " كان يعمل ويكافح ليعيش وليؤدي رسالته التي ضحى بنفسه وصحته وماله في سبيلها، دون أن ينسى وطنه مصر التي عاش وفياً لها، باراً بها مؤيداً قضاياها، ويدافع عن حقها في الحياة والرفاهية والكرامة الإنسانية متمنياً أن تسهم من جديد في بناء عالم حر سعيد ترفرف عليه ألوية الحضارة والطمأنينة والسلام.

لمسات أبي شادي:

اتسمت مراحل حياة أديبنا العربي الكبير بالكثير من المفارقات أبرزها التحرر الثقافي والعقلي من أجل حرية الفكر والنقد والأدب والفن، فقد عاش زهاء ثلاثة عقود يدعو إلى إخاء الأدب وديمقراطيته ومثاليته حيث يدعو في الأدب إلى الإخلاص والوحدة وإلى التجديد في كل ألوان الأدب وفنونه، فتجديد سمة اتسم بها شعراء المهجر لعقود من الزمن.

ومما يدعو إليه شاعرنا أبو شادي جعل الأصالة تاجاً للشعر والفطرة درعاً والموهبة عصا للملك، كما أشار إلى الوحدة التعبيرية والتناول الفني السليم للفكرة والمعاني والموضوع والتجربة وإلى الطلاقة الفنية ونزعة التحرر والتي قوامها الصدق والبساطة والسماحة وجرأة التعبير والسمو المستمد من فكرة التقدم والإنسانية محارباً القيود والصنعة والتكلف، حيث عمل شاعرنا طول حياته على إنصاف الشعراء وخاصة المغمورين منهم، وكثيراً ما نوه بالأدب المصري الحديث في شتى البيئات وخاصة المستشرقة منها.

ألوان الشعر في أبيات بي شادي:

يتجه شعر أبو شادي إلى عدة ألوان فمن الغزلي الوجداني ووصف الطبيعة إلى الشعر الصوفي " الفلسفي " مروراً بالشعر الوطني التقدمي، كل هذه الألوان هي عبارة عن طاقة مكنونة دفع بها شاعرنا لتكون قاعدة شعرية خصبة، حيث يعتبر أبو شادي أول من نظم الشعر التمثيلي في اللغة العربية، وكان يحبذ الشعر الحر والمرسل، وينظم منها بعض قصائده.

ويذهب شعره بين النزعة الرومانسية في يفوعة شبابه ويظهر ذلك في قصائده الغزلية والوجدانية والطبيعية والنفسية، وبين النزعة الصوفية والاجتماعية الإنسانية في كهولته، والنزعة الواقعية التي تظهر في شعره منذ أصدر ديوانه " عودة الراعي" عام 1942م وحتى وفاته، وإن كان الاتجاه السائد في شعره هو الاتجاه الرومانسي، ومع ذلك فله شعر رمزي بديع.

ويعد أبي شادي رائداً من رواد المدرسة الرومانسية في الشعر العربي المعاصر، ومن الذين بذروا بذور الواقعية الحديثة في الأدب، وهذه المدرسة هي التي حملت لواء الشعر بعد شوقي وحافظ متابعة خطأ المجددين من أمثال مطران وشكري ومحرم.

تعد دواوين أحمد زكي أبي شادي المطبوعة والتي وصل عددها إلى 23 ديواناً وعشر مسرحيات، كل أعماله اتسمت على جبين الشعر المعاصر فالإنسانية في الثقافة آمن بها أديبنا ودرس روائع الأدب العربي قديمه وحديثه وراح يتنقل بين الأدب الإغريقي ومذاهب البلاغة عن الأوروبيين كما أطلع على أثار العلوم والفكر في كل لغة وثقافة فقد كان صورة زاهية للفكر المصري المتحرر وكان يقف في الصف الأول مع المدافعين عن حرية الفكر يقول " إن الأمم الراقية لن تحترمنا لو أد الفكر كيفما كان وإنما تحترمنا لاحترامه ".

وفاتة

هكذا عاش أبو شادي الذي توفي في 12 أبريل 1955م في واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية عن عمر ناهز 63 عاماً حزن عليه العرب في كل مكان وخسرت الإنسانية بوفاته رائداً مشيراً وداعياً جريئاً ومفكراً موجهاً عمل بإخلاص وإيمان من أجل تقدمها وازدهارها ومن أجل الخير للناس جميعاً.

خلف أبو شادي لأسرته الصغيرة – التي كانت تقيم معه في أمريكا الأسى والحزن، ولأسرته الكبيرة في العالم كله من تلامذة وأصدقاء استفادوا من خبرته وتجاربه وقيمه ومثاليته، ترك كذلك أمثلة تحتذى، ومبادئ ومناهج فكرية أصيلة موجهة، كما أبّنه الأدباء والكتاب والمفكرون العرب في كل مكان يسهم معهم في ذلك أعلام الفكر العالمي ورواده في الشرق والغرب.

طرح أبو شادي كماً غزيراً من المخطوطات أبرزها " إيزيس – الإنسان الجديد – أناشيد الحياة – النيروز الحر " .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كاتم العبرات
**** *
 **** *
كاتم العبرات


ذكر
عدد المشــــاركات : 277
المزاج : مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Mkayee10
نقاطي المكتسية : 11
الانتساب : 04/01/2008

مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدارس الشعر العربي في العصر الحديث.   مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. I_icon10الثلاثاء 6 مايو - 1:59

مدرسة المهجر

مدرسة المهجر. بدأ آلاف المهاجرين العرب من الشام (سوريا ولبنان وفلسطين) مع بداية النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي رحلتهم الطويلة إلى بلاد المهجر (أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية)؛ لأسباب اقتصادية وسياسية في المقام الأول. فقد كانت بلاد الشام ولاية عثمانية تتعرض لما تتعرض له الولايات العربية الأخرى تحت الحكم التركي من تعسّف الحكّام وسوء الإدارة. وأما من كانوا يعارضون سياسة التتريك العثمانية، ويجاهدون للإبقاء على الهوية العربية، فنصيبهم الاضطهاد والمعتقلات.

وقد ازدادت الأوضاع السياسية سوءًا عندما قرَّرت الدول الأوروبية الكبرى مواجهة الدولة العثمانية، واقتسام أملاكها شيئًا فشيئًا، فانحازت كل دولة إلى فرقة أو طائفة على حساب أمن الشام واستقراره. فاشتعلت الفتن الطائفية والدينية وحدثت مذابح كثيرة، وساءت الأحوال الاقتصادية في بلاد كثيرة السكان ضيِّقة المساحة، وهلكت المحاصيل الزراعية بالأوبئة والحشرات، إضافة إلى ارتفاع الضرائب المفروضة على المزارعين وأصحاب المتاجر الصغيرة. وهكذا فكر عدد كبير من السكان بالهجرة، وتطلعت أبصارهم إلى الغرب وإلى الأمريكتين بخاصة، فقد سمعوا عنها وعما تتمتع به من ثراء وحضارة وحرية، وذلك من خلال جمعيات التنصير ومدارسه التي تعلم فيها بعض منهم. وقد شجعهم ذلك على الهجرة عن بلادهم وأهليهم، علهم يطمئنون على أرواحهم وأنفسهم ويصيبون شيئًا من الثراء في جو يسوده الأمان والحرية والرخاء.

انقسمت قوافل المهاجرين إلى العالم الجديد إلى قسمين؛ قسم قصد الولايات المتحدة الأمريكية واستقر في الولايات الشرقية والشمالية الشرقية منها، وتوجه القسم الآخر إلى أمريكا الجنوبية وبخاصة البرازيل والأرجنتين والمكسيك.

وجد المهاجرون عناءً وتعبًا، فلم يكن الحصول على لقمة العيش سهلاً، كما ظنوه وكما زُيّن لهم، ولكنهم وجدوا في بيئتهم الجديدة من الحرية ما ساعدهم على ممارسة إبداعهم الأدبي، كما أن شعورهم بالغربة وحنينهم إلى الوطن البعيد، وخوفهم على لغتهم وهويتهم العربية من الضياع، في مجتمعات يبدو كل شيء فيها غريبًا عنهم، جعلهم يلتفون حول بعضهم بعضًا، ودفعهم إلى تأسيس الجمعيات والأندية والصحف والمجلات؛ يلتقون فيها ويمارسون من خلالها أنشطتهم، وظهر من بينهم الشعراء والأدباء الذين نشأت بهم مدرسة عربية أدبية مهمة هناك، سميت بمدرسة المهجر، أسهمت مساهمة مقدرة في نهضة الأدب العربي الحديث. وقد انقسمت مدرسة المهجر إلى مدرستين هما:

الرابطة القلمية إحدى الجمعيات الأدبية التي أسسها مهاجرو الشام في أمريكا الشمالية في نيويورك (1920م)، وكان الشاعر جبران خليل جبران، وراء فكرة تأسيسها، فترأسها وأصبح أبرز أعضائها. وقد ضمّت الرابطة إلى جانب جبران كلاً من الأدباء: ندرة حداد، وعبد المسيح حداد، ونسيب عريضة، ورشيد أيوب، وميخائيل نعيمة، وإيليا أبو ماضي، ووليم كاتسفليس، ووديع باحوط، وإيليا عطاء الله.

استمر نشاط الرابطة الأدبي عشرة أعوام، وكان أعضاؤها ينشرون نتاجهم الأدبي في مجلة الفنون التي أسَّسها نسيب عريضة، ثم في مجلة السائح لعبد المسيح حداد. وقد توقف هذا النشاط بوفاة جبران وتَفَرُّقِ أعضائها؛ إما بالوفاة وإمَّا بالعودة إلى الوطن.

كان هدف الرابطة القلمية هو بث روح التجديد في الأدب العربي شعرًا ونثرًا، ومحاربة التقليد، وتعميق صلة الأدب بالحياة وجعل التجربة الكتابية تنفتح على آفاق أوسع مما كانت تدور حول فلكه من النماذج القديمة في الأدب العربي.

ويبدو أن أدباء الرابطة القلمية قد حققوا الكثير من أهدافهم، وقد ساعدهم على ذلك ما كان يجمع بين أعضائها من تآلف وتشابه في الميول والاهتمامات، إضافة إلى المناخ الحر الذي كانوا يتنفسون أريجه، وما كان يعج به من أحدث التيارات الفكرية والاتجاهات الأدبية آنذاك.

العصبة الأندلسية تأسست عام 1932م في ساو باولو بالبرازيل، ولعل السبب في هذه التسمية هو الجو الأسباني الذي يطبع الحياة العامة في أمريكا الجنوبية، وكأنه قد أثار كَوَامنَ الشجن في نفوس هؤلاء المهاجرين وأعادهم إلى ذكريات العرب أيام مجدهم بالأندلس. تبنَّى الشاعر شكرالله الجرّ فكرة التأسيس، فاجتمع عدد من الشعراء والمهتمين في منزل ميشيل المعلوف لهذا الغرض، وحضر الاجتماع الأعضاء المؤسسون وهم: شكرالله الجر، ميشيل المعلوف، نظير زيتون، حبيب مسعود، إسكندر كرباح، نصر سمعان، داود شكور، يوسف البعيني، حسني غراب، يوسف أسعد غانم، أنطون سليم سعد، ثم انضم إليهم فيما بعد عدد من الشعراء والكتاب. وتولى رئاستها ميشيل المعلوف. وظل أعضاؤها ينشرون إنتاجهم الأدبي في مجلة الأندلس الجديدة لصاحبها شكرالله الجر لمدة عام، ثم صدر العدد الأول من مجلة العصبة الأندلسية، عام 1934م، وتولى حبيب مسعود رئاسة تحريرها. وقد استمرت هذه المجلة في الصدور حتى عام 1960م، وتخلل ذلك فترة انقطاع من عام 1941م إلى عام 1947م.

لا تختلف أهداف إنشاء العصبة الأندلسية عن أهداف الرابطة القلمية كثيرًا، فهناك رغبة مشتركة في الحفاظ على اللغة العربية، وبث روح التآخي والتآزر بين الأدباء في المهجر، وجمع شملهم، ورعايتهم، وتسهيل نشر إنتاجهم في المجلة أو من خلال المجموعات والدواوين الشعرية، وإقامة جسر حي بين هذا الأدب ونظيره في الوطن العربي الكبير، خصوصًا بعد توقف نشاط الرابطة القلمية. غير أن تواضع البيئة الثقافية التي عاش فيها أدباء المهجر الجنوبي وعدم وجود شخصية مثل شخصية جبران بينهم، ووجود تباين في ثقافة أعضائها ونزعاتهم واهتماماتهم وانتماءاتهم الفكرية والوطنية، وتبني سياسة مرنة في النشر في المجلة؛ جعل أدب المهجر الجنوبي، فيما عدا استثناءات قليلة، أدبًا تقليديًا مقارنة بأدب المهجر الشمالي، وقد عاب أدباء الشمال هذه التقليدية على أدباء الجنوب.

وأيًا كان الحال، فإن الأدب العربي في المهجر الشمالي والجنوبي، بثرائه، واتساع آفاقه؛ نتيجة تفرد تجربته وظروف مُبْدِعِيهِ، يظل جزءًا مهمًّا وفاعلاً في دائرة الإبداع الأدبي المعاصر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كاتم العبرات
**** *
 **** *
كاتم العبرات


ذكر
عدد المشــــاركات : 277
المزاج : مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Mkayee10
نقاطي المكتسية : 11
الانتساب : 04/01/2008

مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدارس الشعر العربي في العصر الحديث.   مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. I_icon10الثلاثاء 6 مايو - 1:59

مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Bismillah1

((جبران خليل جبران))



مولده ونشأتة وحياته الشخصية:

والرسام من أسرة صغيرة فقيرة في بلدة بشري في 6 كانون الثاني
1883. كان والده خليل جبران الزوج الثالث لوالدته كميلة رحمة التي
كان لها ابن اسمه بطرس من زواج سابق ثم أنجبت جبران
وشقيقتيه مريانا وسلطانة .
كان والد جبران راعيا للماشية، ولكنه صرف معظم وقته
في السكر ولم يهتم بأسرته التي كان على زوجته كميلة،
وهي من عائلة محترمة وذات خلفية دينية، ان تعتني بها
ماديا ومعنويا وعاطفيا. ولذلك لم يرسل جبران إلى المدرسة،
بل كان يذهب من حين إلى آخر إلى كاهن البلدة الذي سرعان
ما أدرك جديته وذكاءه فانفق الساعات في تعليمه الأبجدية
والقراءة والكتابة مما فتح أمامه مجال المطالعة والتعرف إلى
التاريخ والعلوم والآداب.
وفي العاشرة من عمره وقع جبران عن إحدى صخور وادي
قاديشا وأصيب بكسر في كتفه اليسرى ، عانى منه طوال حياته.
لم يكف العائلة ما كانت تعانيه من فقر وعدم مبالاة
من الوالد، حتى جاء الجنود العثمانيون يوم (1890)
والقوا اقبض عليه أودعوه السجن، وباعوا منزلهم الوحيد،
فاضطرت العائلة إلى النزول عند بعض الأقرباء.
ولكن الوالدة قررت ان الحل الوحيد لمشاكل العائلة
هو الهجرة إلى الولايات المتحدة سعيا وراء حياة أفضل.

عام 1894 خرج خليل جبران من السجن، وكان محتارا
في شأن الهجرة، ولكن الوالدة كانت قد حزمت أمرها،
فسافرت العائلة تاركة الوالد وراءها. ووصلوا إلى نيويورك
في 25 حزيران 1895 ومنها انتقلوا إلى مدينة بوسطن
حيث كانت تسكن اكبر جالية لبنانية في الولايات المتحدة.
وبذلك لم تشعر الوالدة بالغربة، بل كانت تتكلم اللغة العربية
مع جيرانها، وتقاسمهم عاداتهم اللبنانية التي احتفظوا بها.

اهتمت الجمعيات الخيرية بإدخال جبران إلى المدرسة،
في حين قضت التقاليد بأن تبقى شقيقتاه في المنزل،
في حين بدأت الوالدة تعمل كبائعة متجولة في شوارع
بوسطن على غرار الكثيرين من أبناء الجالية. وقد حصل
خطأ في تسجيل اسم جبران في المدرسة وأعطي
اسم والده، وبذلك عرف في الولايات المتحدة باسم
"خليل جبران". وقد حاول جبران عدة مرات تصحيح
هذا الخطأ فيما بعد إلا انه فشل.

بدأت أحوال العائلة تتحسن ماديا، وعندما جمعت الأم
مبلغا كافيا من المال أعطته لابنها بطرس الذي يكبر
جبران بست سنوات وفتحت العائلة محلا تجاريا.
وكان معلمو جبران في ذلك الوقت يكتشفون مواهبه
الأصيلة في الرسم ويعجبون بها إلى حد ان مدير
المدرسة استدعى الرسام الشهير هولاند داي لإعطاء
دروس خاصة لجبران مما فتح أمامه أبواب المعرفة
الفنية وزيارة المعارض والاختلاط مع بيئة اجتماعية
مختلفة تماما عما عرفه في السابق.

كان لداي فضل اطلاع جبران على الميثولوجيا اليونانية،
الأدب العالمي وفنون الكتابة المعاصرة والتصوير
الفوتوغرافي، ولكنه شدد دائما على ان جبران يجب
ان يختبر كل تلك الفنون لكي يخلص إلى نهج
وأسلوب خاصين به. وقد ساعده على بيع بعض إنتاجه
من إحدى دور النشر كغلافات للكتب التي كانت تطبعها.
وقد بدا واضحا انه قد اختط لنفسه أسلوبا وتقنية خاصين به،
وبدأ يحظى بالشهرة في أوساط بوسطن الأدبية والفنية.
ولكن العائلة قررت ان الشهرة المبكرة ستعود عليه بالضرر،
وانه لا بد ان يعود إلى لبنان لمتابعة دراسته وخصوصا من
أجل إتقان اللغة العربية.

وصل جبران إلى بيروت عام 1898 وهو يتكلم لغة إنكليزية ضعيفة،
ويكاد ينسى العربية أيضا.

والتحق بمدرسة الحكمة التي كانت تعطي دروسا خاصة في اللغة العربية.
ولكن المنهج الذي كانت تتبعه لم يعجب جبران فطلب
من إدارة المدرسة ان تعدله ليتناسب مع حاجاته.
وقد لفت ذلك نظر المسؤولين عن المدرسة، لما فيه
من حجة وبعد نظر وجرأة لم يشهدوها لدى أي تلميذ آخر سابقا.
وكان لجبران ما أراد، ولم يخيب أمل أساتذته إذ اعجبوا بسرعة
تلقيه وثقته بنفسه وروحه المتمردة على كل قديم وضعيف وبال.

تعرف جبران على يوسف الحويك واصدرا معا مجلة "المنارة"
وكانا يحررانها سوية فيما وضع جبران رسومها وحده.
وبقيا يعملان معا بها حتى أنهى جبران دروسه بتفوق
واضح في العربية والفرنسية والشعر (1902).
وقد وصلته أخبار عن مرض أفراد عائلته، فيما
كانت علاقته مع والده تنتقل من سيء إلى أسوأ
فغادر لبنان عائدا إلى بوسطن، ولكنه لسوء حظه
وصل بعد وفاة شقيقته سلطانة. وخلال بضعة اشهر
كانت أمه تدخل المستشفى لإجراء عملية جراحية
لاستئصال بعض الخلايا السرطانية. فيما قرر شقيقه
بطرس ترك المحل التجاري والسفر إلى كوبا.
وهكذا كان على جبران ان يهتم بشؤون العائلة
المادية والصحية. ولكن المآسي تتابعت بأسرع
مما يمكن احتماله. فما لبث بطرس ان عاد من
كوبا مصابا بمرض قاتل وقضى نحبه بعد أيام
قليلة (12 آذار 1903) فيما فشلت العملية الجراحية
التي أجرتها الوالدة في استئصال المرض وقضت
نحبها في 28 حزيران من السنة نفسها.

إضافة إلى كل ذلك كان جبران يعيش أزمة من نوع آخر،
فهو كان راغبا في إتقان الكتابة باللغة الإنكليزية، لأنها
تفتح أمامه مجالا ارحب كثيرا من مجرد الكتابة في جريدة
تصدر بالعربية في أميركا ( كالمهاجر9 ولا يقرأها سوى
عدد قليل من الناس. ولكن انكليزيته كانت ضعيفة جدا.
ولم يعرف ماذا يفعل، فكان يترك البيت ويهيم على وجهه
هربا من صورة الموت والعذاب. وزاد من عذابه ان الفتاة
الجميلة التي كانت تربطه بها صلة عاطفية، وكانا على
وشك الزواج في ذلك الحين (جوزيفين بيبادي)، عجزت
عن مساعدته عمليا، فقد كانت تكتفي بنقد كتاباته
الإنكليزية ثم تتركه ليحاول إيجاد حل لوحده.
في حين ان صديقه الآخر الرسام هولاند داي
لم يكن قادرا على مساعدته في المجال الأدبي
كما ساعده في المجال الفني.

وأخيرا قدمته جوزفين إلى امرأة من معارفها
اسمها ماري هاسكل (1904)، فخطّت بذلك صفحات
مرحلة جديدة من حياة جبران.
كانت ماري هاسكل امرأة مستقلة في حياتها الشخصية
وتكبر جبران بعشر سنوات، وقد لعبت دورا هاما في
حياته منذ ان التقيا. فقد لاحظت ان جبران لا يحاول
الكتابة بالإنكليزية، بل يكتب بالعربية أولا ثم يترجم ذلك.
فنصحته وشجعته كثيرا على الكتابة بالإنكليزية مباشرة.
وهكذا راح جبران ينشر كتاباته العربية في الصحف
أولا ثم يجمعها ويصدرها بشكل كتب ، ويتدرب في
الوقت نفسه على الكتابة مباشرة بالإنكليزية.

عام 1908 غادر جبران إلى باريس لدراسة الفنون
وهناك التقى مجددا بزميله في الدراسة
في بيروت يوسف الحويك. ومكث في باريس
ما يقارب السنتين ثم عاد إلى أميركا بعد زيارة
قصيرة للندن برفقة الكاتب أمين الريحاني.

وصل جبران إلى بوسطن في كانون الأول عام 1910،
حيث اقترح على ماري هاسكل الزواج والانتقال إلى
نيويورك هربا من محيط الجالية اللبنانية هناك والتماسا
لمجال فكري وأدبي وفني أرحب. ولكن ماري رفضت
الزواج منه بسبب فارق السن، وان كانت قد وعدت
بالحفاظ على الصداقة بينهما ورعاية شقيقته مريانا العزباء وغير المثقفة.

وهكذا انتقل جبران إلى نيويورك ولم يغادرها حتى وفاته .
وهناك عرف نوعا من الاستقرار مكنه من الانصراف
إلى أعماله الأدبية والفنية فقام برسم العديد
من اللوحات لكبار المشاهير مثل رودان وساره برنار وغوستاف يانغ وسواهم.

سنة 1923 نشر كتاب جبران باللغة الإنكليزية،
وطبع ست مرات قبل نهاية ذلك العام ثم ترجم فورا إلى عدد من اللغات الأجنبية، ويحظى إلى اليوم بشهرة قل نظيرها بين الكتب.

بقي جبران على علاقة وطيدة مع ماري هاسكال،
فيما كان يراسل أيضا الأديبة مي زيادة التي
أرسلت له عام 1912 رسالة معربة عن إعجابها بكتابه
" الأجنحة المتكسرة". وقد دامت مراسلتهما حتى وفاته رغم انهما لم يلتقيا أبدا.


وفاتة:
توفي جبران في 10 نيسان 1931 في إحدى
مستشفيات نيويورك وهو في الثامنة والأربعين
بعد أصابته بمرض السرطان. وقد نقلت شقيقته مريانا
وماري هاسكل جثمانه إلى بلدته بشري في شهر تموز
من العام نفسه حيث استقبله الأهالي. ثم عملت المرأتان
على مفاوضة الراهبات الكرمليات واشترتا منهما
دير مار سركيس الذي نقل إليه جثمان جبران، وما يزال إلى الآن متحفا ومقصدا للزائرين.

مؤلفات حبران خليل جبران

هذه لائحة بأشهر كتب جبران وتاريخ نشر كل منها للمرة الأولى:

بالعربية:

الأرواح المتمردة 1908
الأجنحة المتكسرة 1912
دمعة وابتسامة 1914
المواكب 1918


بالإنكليزية:

المجنون 1918
السابق 1920
النبي 1923
رمل وزبد 1926
يسوع ابن الإنسان 1928
آلهة الأرض 1931
التائه 1932
حديقة النبي 1933
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
روحي الشعر
****** *
****** *
روحي الشعر


ذكر
عدد المشــــاركات : 1287
العمر : 38
علم الدوله : مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Turkey10
المزاج : مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Dl310
نقاطي المكتسية : 200
الانتساب : 05/01/2008

مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدارس الشعر العربي في العصر الحديث.   مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. I_icon10الثلاثاء 6 مايو - 17:38

يعطيك الف الف الف عافيه على هذا الجهد الكبير .. وفقك الله على الموضوع يبيله وقت في القرائه بقرئه بعدين
تقبل قرائتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطيب
مشرف الالغاز ومدرسة الشعر
مشرف  الالغاز ومدرسة الشعر
الطيب


ذكر
عدد المشــــاركات : 1250
العمر : 54
علم الدوله : مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Saudi_10
المزاج : مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Mostmt10
نقاطي المكتسية : 448
الانتساب : 23/02/2008

مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدارس الشعر العربي في العصر الحديث.   مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. I_icon10الثلاثاء 6 مايو - 21:00

يعطييك العافيه


بانسبه لي انا اكتفيت بالابيات الي في الموضوع
والقصص

اما التاريخ
ما اهتم فيه كثير

مشكور مره اخرى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://bohmad.yoo7.com
من غرك
****** *
****** *
من غرك


ذكر
عدد المشــــاركات : 1076
المزاج : مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Buusy10
نقاطي المكتسية : 101
الانتساب : 05/01/2008

مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدارس الشعر العربي في العصر الحديث.   مدارس الشعر العربي في العصر الحديث. I_icon10الأربعاء 7 مايو - 10:48


مشكور على الموضوع اخوي كاتم العبرات
تقبل مروري عندك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مدارس الشعر العربي في العصر الحديث.
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الاتجاهات الادبيه في الشعر العربي الحديث
» (( رواد النثر في العصر الحديث ))
» أيهما اسهل الشعر الفصيح او الشعر الشعبي اي النبطي؟
» اريد اتناقش في هذا النوع من الشعر > الشعر المرسل
» رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث كتاب الكتروني رائع

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشعراء في منتدى , بوحمد الحمد الرسمي ..!! , عبدالرحمن بن عثمان 2007 - 2012 ::  الاقــســام الادبــيــهـ :: منتدى الادب والقراءة والاستفاده و الكتب والسير الذاتية :: الملتقى التعليمي الادبي و اللغوي..-
انتقل الى: