ملتقى الشعراء في منتدى , بوحمد الحمد الرسمي ..!! , عبدالرحمن بن عثمان 2007 - 2012
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



أهلاً وسهلاً يآ: (( زائر )) نورت منتدى بوحمد الحمد الرسمي . المنتدى متخصص للشعر,نثر,قصص,روايات,نقد هادف,تميز وابداع
 
موقع بوحمدالحمدالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
موقع بوحمد الحـمد للشعر والادب يرحب بالجميع .. فأهلاً بكم وسهلاً ...

 

 منهج شيخ الإسلام ابن تيميةمنهج شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه التدمرية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
القارئ المميز
مشرف الكتب العامه
مشرف الكتب العامه
القارئ المميز


ذكر
عدد المشــــاركات : 235
نقاطي المكتسية : 614
الانتساب : 16/01/2008

منهج شيخ الإسلام ابن تيميةمنهج شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه التدمرية Empty
مُساهمةموضوع: منهج شيخ الإسلام ابن تيميةمنهج شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه التدمرية   منهج شيخ الإسلام ابن تيميةمنهج شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه التدمرية I_icon10الأحد 9 سبتمبر - 16:42

بسم الله الرحمن الرحيم

منهج شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه التدمرية

الحمد لله ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وأشرف المرسلين ، نبينا محمد وآلــه وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .... أما بعد :
فهذا بحث مختصر لدراسة منهج شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه العظيم الرسالة التدمرية اسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعني بها وإخواني ... وأهدي هذا البحث لمشرفي وأعضاء ورواد هذا الملتقى المبارك .







·

ترجمة موجزة لشيخ الإسلام ابن تيمية :



1ـ اسمه ونسبه :



هو شيخ الإسلام ، تقي الدين ، أبو العباس ، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبدالله بن أبي القاسم بن الخضر بن محمد بن الخضر بن على بن تيمية النميري، الحراني ثم الدمشقي . [1]

وتيمية يقال : إنها أم جده ،وكانت واعظة ، فـنسـب إليها ، وعرف بها ، ولهذا أطلق على هذه الأسرة ( آل تيمية ) [2]



2ـ مولده وموطنه :



ولد شيخ الإسلام في السنة الحادية والستين بعد الستمائة 661 هـ في شهر ربيع الأول في اليوم العاشر أو الثاني عشر منه ، في حران . [3]

ثم انتقل مع والده وإخوته إلى دمشق في السنة السابعة والستين بعد الستمائة 667هـ ، بعد أن هـجـم التتـار على بلده وعاثوا فيها فسادا ً .



3ـ مكـانـته العلميـة :



من الصعب بمكان أن نتكلم في سطور عن علم هذا الإمام ، فقد بلغ في العلم مبلغاً قلّ من بلغه في أمة الإسلام ،وقد فتح الله على شيخ الإسلام ابن تيمية في فنون كثيرة نبغ فيها حتى وصل إلى الاجتهاد ، قال الحافظ أبو الفتح اليعمري يصف علم شيخ الإسلام : ( إن تكلم في التفسير فهو حامل رايته ، وإن أفتى في الفقه فهو مدرك غايته ، أو ذاكر بالحديث فهو صاحب علمه وذو روايته ، أو حاضر بالنِّحل والملل لم يُرَ أوسع من نحلته ، ولا أرفع من درايته ، برز في كل فن على أبناء جنسه ) .[4] وقال الذهبي ـ رحمه الله ـ عن شيخ الإسلام : ( وصار من أكابر العلماء في حياة شيوخه ، وله المصنفات الكبار التي سارت بها الركبان ، ولعل تصانيفه في هذا الوقت تكون أربعة آلاف كراس وأكثر ، وفسّـَر كتاب الله تعالى مدة سنين من صدره في أيام الجمع ، وكان يتوقد ذكاءً ، وسماعاته من الحديث كثيرة ، وشيوخه أكثر من مائتي شيخ ، ومعرفته بالتفسير إليها المنتهى ، وحفظه للحديث ورجاله وصحته وسقمه ، فما يلحق فيه ، وأما نقله للفقه ومذاهب الصحابة والتابعين ـ فضلا ً عن المذاهب الأربعة ـ فليس له فيه نظير ، وأما معرفته بالملل والنحل ، والأصول والكلام فلا أعلم له فيه نظيراً ...)

وقال أيضاً : ( كان آية في الذكاء وسرعة الإدراك ، رأسا ً في معرفة الكتاب والسنة والاختلاف ، بحراً في النقليات ...) إلى أن قال : ( فإن ذكر التفسير فهو حامل لوائه ،وإن عـُدّ الفقهاء فهو مجتهدهم المطلق ، وإن حضر الحفاظ نطق وخرسوا، وسرد وأُبلسوا، واستغنى وأفلسوا ، وإن سمي المتكلمون فهو فردهم ، وإليه مرجعهم .... وله يد طولى في معرفته بالعربية والصرف واللغة .

وهو أعظم من أن يصفه كلمي ، أو ينبه على شأوه قلمي ...) [5]



4 ـ وفــاتــه :


توفي شيخ الإسلام ابن تيمية ليلة الأثنين في العشرين من شهر ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة 728 هـ ، مسجوناً بالقلعة في دمشق [6] بعد أن خلّف تراثا ً علميا ً عظيماً نفع الله به الإسلام والمسلمين ، فرحمه الله رحمة واسعة . [7]








·
سبب تأليف الكتاب :



أبان شيخ الإسلام رحمه الله عن سبب تأليف الكتاب في مقدمته ، فقال: ( أما بعد فقد سألني من تعينت إجابتهم أن أكتب لهم مضمون ما سمعوه مني في بعض المجالس ، من الكلام في التوحيد والصفات ، وفي الشرع والقدر ،لمسيس الحاجة إلى تحقيق هذين الأصلين ، وكثرة الاضطراب فيهما ، فإنهما مع حاجة كل أحد إليهما ، ومع أن أهل النظر والعلم ، والإرادة والعبادة ، لا بد أن يخطر لهم ي ذلك من الخواطر والأقوال ما يحتاجون معه إلى بيان الهدى من الضلال ، لاسيما من كثرة من خاض في ذلك بالحق تارة ،وبالباطل تارات، وما يعتري القلوب في ذلك من الشبه التي يوقعها في أنواع الضلالات . [8]



ومن هذا يتضح أن سبب تأليفه للرسالة في الأسباب التالية :

1ـ إجابة على سؤال .



2ـ مسيس الحاجة إلى تحقيق الأصلين : التوحيد والصفات ، والشرع والقدر .



3 ـ كثرة الاضطراب في هذين الأصلين ،حيث خاض كثير من الناس في الحق تارة،

وفي الباطل تارات .



4 ـ أن الطوائف المختلفة ـ أهل النظر ، والعلم والإرادة والعبادة ـ لهم من الأقوال والأصول في هذين الأصلين ما يحتاجون معه إلى بيان الهدى من الضلال .



5 ـ ما يعتري القلوب من الشبه والخواطر.









·
موضوعات الكتاب :





الكتاب في مجمله يقرر الأصلين :



الأول : التوحيد والأسماء والصفات .

الثاني : الشرع والقدر .



وجاء هذا بأسلوب مفصل مشتمل على عدة موضوعات واستطرادات بين من خلالها شيخ الإسلام ما قصده من أسباب تأليفه للكتاب .

هذا وقد جاءت تلك الموضوعات على النحو التالي :

أولا ً : المقدمة

وقد جاء فيها : موضوع الكتاب ، وسبب تأليفه ، والفرق بين الشرع والقدر.



ثانياً: تكلم شيخ الإسلام عن قاعدة السلف في النفي والإثبات وهي:

أن الله سبحانه وتعالى يوصف بالإثبات المفصل والنفي المجمل .

ثم استدل لهذه القاعدة بأدلة كثيرة من القرآن الكريم .



ثالثا ً : ذكر الفرق التي ضلت في النفي والإثبات وبين مذاهبهم اجمالاً ثم رد عليهم .



رابعا ً : تحدث عن المسميات واتفاقها في المعنى العام دون التخصيص والإضافة ، وأن الاتفاق العام يكون في الذهن لا خارجه ، وإذا انسحب للخارج فلا بد من القطع والإضافة ، وبين أن المعاني المختصة لا يمكن إثباتها وفهمها إلا بعد إثبات الاتفاق في المعنى العام ، لأنه أصل المعنى، ونفيه تعطيل للمعنى كله ، العام والخاص ، واستشهد لهذا بأدلة كثيرة من القرآن الكريم .



خامسا ً : عقد فصلا ً جعل فيه أصلـيـن لمناقشة المخالفين في الأسماء والصفات .

الأصل الأول : أن القول في الصفات كالقول في البعض الآخر .

الأصل الثاني : أن القول في الصفات كالقول في الذات .

وضرب لكل من الأصليـن أمثلة مُوضحة لهما .



سادسا ً: ذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ مثليـن ، أراد أن يبين من خلالهما أن الاتفاق في الاسم والمعنى العام بين صفات الخالق والمخلوقين لا يستلزم التماثل والمشابهة في المعنى الخاص عند القطع والتخصيص ، هذان المثلان :

المثل الأول :

ضرب المثل بالعلاقة اللغوية بين ما في الدنيا وما في الجنة من الموجودات، مثل المآكل والمساكن والمراكب وغيرها ، وأنها متفقة المعنى العام من الوجود ، ومختلفة في الكنه والحقيقة بعضها عن بعض .

المثل الثاني :

ضرب المثل بالروح وأن لها صفات ، فهي تروح وتجيء وتقبل وتدبر وتصعد وتنزل ويتوفاها الله ، وكل واحد منا له روح ، ومع ذلك لم يلزم من اشتراكها في هذه الصفات كون كل روح هي الأخرى .

ووضح أيضا ً أن ما دام أن هذه الروح موجودة ومتصفة بصفات لا تعلم حقيقتها ، فالله سبحانه وتعالى ـ ولله المثل الأعلى ـ له صفات حقيقية تليق بجلاله وعظمته ، ولاكن لا نعلم كيفيتها .



سابعا ً :

ثم ختم شيخ الإسلام الأصل الأول ( التوحيد والأسماء والصفات ) بذكر سبع قواعد لمناقشة أهل التعطيل ، والتفويض ، والتمثيل والتشبيه ، وهي :

القاعدة الأولى : أن الله سبحانه موصوف بالإثبات خلافاً للمعطلة ، وموصوف بالنفي خلافاً للمشبهة الممثلة .

وبين أن نفي الصفة يستلزم ثبوت كمال الضد ، مثل نفي الظلم يستلزم كمال العدل .

القاعدة الثانية : أن ما أخبر به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ربه فإنه يجب الإيمان به ، سواء عرفنا معناه أو لم نعرف .

ثم بين أن الألفاظ المجملة ، مثل : الحيز ، والجهة لا بد من الاستفصال عنها ، فإن أريد بها التشبيه رد المعنى واللفظ ، وإن أريد أن الله متصف بصفات قبل المعنى ورد اللفظ ، لأنه لفظ حادث لم يرد في القرآن ولا في السنة .

القاعدة الثالثة:

إذا قال القائل: ظاهر النصوص مراد أو ظاهرها ليس بمراد ؟

فإنه يقال : لفظ ( الظاهر ) فيه إجمال واشتراك ، فإن كان القائل يعتقد أن معنى الظاهر هو أن الله متصف بصفات هذا حق .

وإن كان القائل يعتقد أن ظاهرها التمثيل بصفات المخلوقين أو ما هو من خصائصهم ، فلا ريب أن هذا غير مراد .

ثم بين رحمه الله وجه غلط من جعل ظاهر نصوص الصفات التمثيل .







القاعدة الرابعة :

أن كثيراً من الناس يتوهم في بعض الصفات ، أو في كثير منها ، أو أكثرها، أو كلها أنها تماثـل صفات المخلوقين ، ثم يريد أن ينفي ذلك الذي فهمه ، فيقع في أربعة محاذير:

1ـ كونه مثل ما فهمه من النصوص .

2ـ أنه إذا جعل ذلك هو مفهومها وعطـّله بقيت النصوص معطلة عما دلت عليه من إثبات الصفات اللائقة بالله .

3ـ أنه ينفي تلك الصفات عن الله بغير علم .

4 ـ أنه يصف الرب بنقيض تلك الصفات ، من صفات الموات والجمادات ، أو صفات المعدومات .

وقد مثل لذلك بصفة العلو والإستواء .

القاعدة الخامسة :

أنا نعلم ما أخبرنا به من وجه دون وجه .

ومدار هذه القاعدة على أن الصفات معلومة المعنى مجهولة الكيفية .

وبين ـ رحمه لله ـ في هذه القاعدة معنى المحكم والمتشابه والتأويل.

القاعدة السادسة :

في بيان الضابط الذي تعرف به الطرق الصحيحة والباطلة في النفي والإثبات .

وبين تحت هذه القاعدة خطأ الاعتماد في النفي على مجرد ادعاء التشبيه فيما ينفى ، كما أورد تعض شبهات المعتزلة في نفي الصفات وأجاب عنها .

ثم بين أن الطريق السليم في النفي هو نفي النقص ،ونفي المثل في صفات الكمال .

بعد هذا عاد مرة أخرى في بيان المعنى العام والقدر المشترك في الأسماء دون القطع والإضافة .

ثم عقد فصلاً بين فيه أن الاحتجاج على نفي النقائص بنفي التجسيم أو التحيز لا يحصل به المقصود ، لوجوه أربعة ذكرها .

وعقد بعد هذا الفصل فصل ٌ بين فيه خطأ الاكتفاء في الإثبات بمجرد نفي التشبيه فيما يثبت ، وخطأ الاعتماد في النفي على عدم مجيء السمع ، وبين فيه أن السمع والعقل يثبتان لله صفات الكمال ، وينفيان عنه ما ضاد صفات كماله ، أو أن يكون له مثل أو كفؤ في مخلوقاته .

القاعدة السابعة :

أن كثيراً مما دل عليه السمع يـُعلم بالعقل أيضاً ، والقرآن يثبت ما يستدل به العقل ويرشد إليه .

وبين أيضاً في هذه القاعدة فساد دلائل المتكلمين وبين طريقة السلف ومنهجهم في هذا ، وبين أن العقل السليم لا يخالف النقل الصحيح .



ثامنا ً :

الأصل الثاني : حقيقة الجمع بين القدر والشرع .

وهذا الأصل يدور حول توحيد العبادة ، والقضاء والقدر من توحيد الربوبية.

وخلاصة ما جاء في هذا الأصل :

ـ في توحيد العبادة :

1ـ الواجب في شرع الله وقدره اعتقاداً .

2 ـ ما تتضمنه العبادة .

3ـ بيان الإسلام العام الذي هو دين جميع الأنبياء ، والإسلام الخاص الذي جاء به نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ

4 ـ تلازم الإيمان بالرسل ووجوب الإيمان بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

5ـ التوحيد الذي جاءت به الرسل .

6ـ التوحيد عند المتكلمين.

7ـ التوحيد عند الجهمية من المعتزلة .

8ـ التوحيد عند الصوفية .

9ـ بعض الرجال والفرق وقربهم وبعدهم من الحق .

10 ـ معنى شهادة أن لا إلـه إلا الله ، وأن محمداً رسول الله .

ـ في القدر :

1ـ مذاهب الفرق الضالة في القدر .

2ـ مذهب أهل السنة في القدر .

3ـ تكلم عن الأسباب والمذاهب فيها .

4 ـ التحسين والقبيح والمذاهب فيها ، ووجه الحق في المسألة .

5 ـ مخالفة فيمن ينظر إلى القدر ويعرض عن الشرع لدين الله .

6 ـ بين ضلالات الصوفية ، ومنها لفظ الفناء ، وبين أنه من الألفاظ المجملة، وله عدة معاني .

7 ـ ثم بين علاقة القدر بالتوحيد .

8 ـ بعد ذلك بين أقسام الناس في عبادة الله .

9ـ ختم الكتاب بخاتمة بين فيها فضل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والوصية بإتباعهم .








·
مصادر المؤلف في كتابه :









في الحقيقة أن الرسالة التدمرية هي خلاصة ما فصّله شيخ الإسلام وقرره في كتبه الأخرى ، لذلك فإن معرفة مصادر شيخ الإسلام في التدمرية يحتاج إلى الرجوع إلى كتبه الموسعة في المسألة [9]، مثل: درء تعارض العقل والنقل ، ومنهاج السنة النبوية ، ونقض أساس التقديس أو : بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية ، والفتوى الحموية ، والجواب الصحيح ، والتسعينية ، وبغية المرتاد ، والصفدية ، إلى غير ذلك من رسائله وكتبه رحمه الله .



لذ سيكون الكلام في مصادر شيخ الإسلام في التدمرية بشكل عام [10]



أولا ً : المصادر العامة :



1 ـ القرآن الكريم :

" وهو مصدر المصادر لدى ابن تيمية ، وحجر الزاوية في فكره ، فحوله يدور ، وعليه يشير ، وإليه يتجه ، نحوه ينحو ، ولقد أثر في تكوين فكره تأثيرا ً ما بعده تأثير ، إذ كان الشغل الشاغل لحياته لكها : حفظا ً ، ومدارسة ، وتفسيرا ً ، حتى ليعتبر نتاج ابن تيمية الفكري كله عملا ً من أعمال التفسير ، فهو يتسائل دائما ً عن المقتضيات اللغوية ، أو التاريخية ، أو النفسية ، لكل نص قرآني ، لأنه إنما يريد أن يتوصل إلى معرفة حقيقة الهداية النبوية ، مما يسوغ لنا أن نلقبه بالرجل القرآني .

ولا عجب من هذه المكانة التي تبوأها القرآن لدى الإمام ، فهو حبل الله المتين ، وكتابه المبين ، ما فرّط الله ـ تبارك وتعالى ـ فيه من شيء، فما من مسألة من المسائل الكلامية والفلسفية والعقائدية خاض فيها الخائضون إلا وكان القرآن قد أوضحها كما يرى ابن تيمية ". [11]

ومن طالع كتاب التدمرية لشيخ الإسلام يعرف هذا ضرورة ، فما من مسألة كبيرة أو صغيرة إلا وقد استدل لها من كتاب الله تعالى .



2 ـ السنة النبوية :



" وهي المادة الخصبة التي بنى عليها ابن تيمية أبحاثه ، واستخرج منها الأدلة ووجوه الاستنباط ، إذ صدرت عن النبي صلى الله عليه وسلم لتبين القرآن ، فهي مبثابة المذكرة التفسيرية للقرآن .

لذلك يقوم نهج الإمام في المعرفة ، والبحث في أصول الدين ، وفي المناظرات والجدل ، على الاعتماد على القرآن ، وعلى ما صح عنده من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته ...

وهو يقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين الدين كله : أصوله وفروعه ، باطنه وظاهره ، علمه وعمله ، ويعتبر هذا الأصل هو أصول العلم والإيمان ، وكل من كان أعظم اعتصاما ً بهذا الأصل ، كان أولى بالحق علما ً وعلما ً" [12].

فلا تعجب أن ترى العمدة لدى شيخ الإسلام الكتاب والسنة ، وقد امتلئ كتابه بهما ، فهما الأصلان اللذان فيها العصمة لا فيما سواهما .



ثانيا ً : المصادر الخاصة :



1 ـ كتب المخالفين :



وذلك لنقله عنهم وحكايته لمعتقداتهم على وجه فيه نوع من التفصيل ، وهذا يبعد ألا يكون رجع لها واطلع عليها ، لا سيما وأنه صرح في بعض كتبه بالنقل عنهم مثل كتابه درء تعارض العقل والنقل ، فكثيرا ً ما يورد نقولا ً لأئمة الأشاعرة مثل الباقلاني ، والجويني ، والرازي ، وغيرهم .

وأيضا ً في كتبه الأخرى نقولا ً عن المعتزلة لا سيما القاضي عبد الجبار وهو إمام لهم .

وكذلك نقولاته رحمه عن الفلاسفة و الباطنية كما في بغية المرتاد ، والإستقامة ، والصفدية وغيرها .

ففي كل هذه الكتب السابقة جاء التصريح بالنقل عنهم مباشرة .



2 ـ كتب السلف المتقدمة في الاعتقاد :



وذلك على سبيل المثال شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي ، وأيضا ً الأسماء والصفات للبيهقي ، وغيرهما .

وهذا في عدة أمثلة ، منها على سبيل المثال : الأثر المشهور المستفيض عن ربيعة الرأي ، وتلميذه الإمام مالك بن أنس رحمهما الله لما سئلوا عن الاستواء فكان الجواب أن " الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عن الكيفية بدعة ".[13]



3 ـ كتب التفسير المسندة :



مثل تفسير ابن جرير الطبري ، فعلى سبيل المثال أورد شيخ الإسلام حديثا ً موقوفا ً على ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : ( ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء ) وهذا الأثر أخرجه ابن جرير في جامع البيان ، وأورده السيوطي كذلك في الدر المنثور ، وغيرهما من أصحاب التفاسير المسندة التي اعتمدت التفسير بالمأثور . [14]

ومن الأمثلة أيضا ً لكتب التفسير قال شيخ الإسلام :

وجمهور سلف الأمة وخلوفها على أن الوقف عن قوله تعالى : ( وما يعلم تأويله إلا الله ) وهذا هو المأثور عن أبي بن كعب ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وغيرهم .

وروي عن ابن عباس أنه قال : التفسير على أربعة أوجه ، تفسير تعرفه العرب من كلامها ، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء ، وتفسير لا يعلمه إلا الله من ادعى علمه فهو كاذب.

وقد روي عن مجاهد وطائفة أن الراسخين في العلم يعلمون تأويله ، وقد قال مجاهد: عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته ، أقف عند كل آية وأسأله عن تفسيرها .

فهذان الأثران أخرجهما ابن جرير في تفسيره ، كما أورد الأثر الأول ابن كثير في تفسيره . [15]

وكذلك من الأمثلة على رجوع شيخ الإسلام لكتب التفسير، قال :

وقال الله تعالى : ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) أي : حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين هو الله ، فهو كافيكم كلكم .

وليس المراد أن الله والمؤمنين حسبك ، كما يظنه بعض الغالطين ، إذ هو وحده كاف نبيه وهو حسبه ، ليس معه من يكون هو وإياه حسبا للرسول .

وهذا في اللغة كقول الشاعر :

فحسبك والضحاك سيف مهند ...

وتقول العرب : حسبك وزيدا ً درهم ، أي يكفيك وزيدا ً جميعا ً درهم . [16]





4 ـ كتب اللغة وفقه اللغة :





وهذا يظهر جليا ً في القاعدة الرابعة من القواعد السبع في الأصل الأول من الرسالة [17]، وذلك عندما بين معنى حرف الخفض ( في ) ودلالاته ، وأيضا ً بين معنى كلمة " السماء " وأن المراد بها مطلق العلو وليس الطباق المبنية.

قال شيخ الإسلام : وكذلك قوله ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور ) من توهم أن مقتضى هذه الآية أن يكون الله تعالى في داخل السماوات ، فهو جاهل ضال بالإتفاق ، وإن كنا إذا قلنا : إن الشمس والقمر في السماء يقتضي ذلك ، فإن حرف ( في ) متعلق بما قبله وبما بعده ، فهو بحسب المضاف والمضاف إليه ...[18]



5 ـ كتاب الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأولته على غير تأويله ، للإمام أحمد بن حنبل :



فقد صرح شيخ الإسلام ابن تيمية بهذا الكتاب ، فقال : ولهذا كان الأئمة كالإمام أحمد وغيره ينكرون على الجهمية وأمثالهم من الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ـ تأويل ما تشابه عليهم من القرآن على غير تأويله ، كما قال الإمام أحمد في كتابه الذي صنفه في " الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأولته على غير تأويله "

وإنما ذمهم لكونهم تأوّلوه على غير تأويله ، وذكر في ذلك ما يشتبه عليهم معناه ، وإن كان لا يشتبه على غيرهم ... [19]



6ـ الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، لأبي المعالي الجويني :



قال شيخ الإسلام : فلهذا تجد هؤلاء يسمون من أثبت العلو ونحوه مشبها ً ، ولا يسمون من أثبت السمع والبصر والكلام ونحوه مشبها ً كما يقوله صاحب" الإرشاد" وأمثاله . [20]





7 ـ أبكار الأفكار للآمدي :



قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وقد اعترض طائفة من النفاة على هذه الطريقة باعتراض مشهور لبسوا به على الناس حتى صار كثير من أهل الإثبات يظن صحته ويضعف الإثبات به ، مثل ما فعل من فعل ذلك من النظار حتى الآمدي وأمثاله ، مع أنه أصل قول القرامطة وأمثالهم من الجهمية ...

ثم نقل قول الآمدي فقال الآمدي : القول بأن لو لم يكن متصفا ً بهذه الصفات كالسمع والبصر والكلام مع كونه حيا ً ، لكان متصفا ً بما يقابلها ، فالتحقيق فيه متوقف على بيان حقيقة المتقابلين وبيان أقسامها ... وهذا الكلام نقل من أبكار الأفكار للآمدي كما أفاده محقق الكتاب . [21]










· منهج شيخ الإسلام ابن تيمية في التدمرية :









أولا ً : القواعد المنهجية :



1ـ استخدام منهج المقارنة ، ومنهج التحليل والنقد في تناول قضايا الكتاب :



فقد قارن شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في أكثر من موضع بين الأشاعرة والمعتزلة ، وبين الأشاعرة والمعتزلة مع الفلاسفة والباطنية ، وقارن أيضاً هذه المذاهب مع مذهب السلف .

وكذلك فقد عرض المذاهب ونقدها ، مثل عرضه لمذهب الأشاعرة في إثبات الصفات السبع [22] وتأويل الباقي منها ، ورد عليهم وألزمهم بأشياء فيما نفوه من الصفات بما أثبتوه فيها .

وأيضا ً فقد عرض التوحيد عند المتكلمين وفصلّـه ، ثم ناقشه ، ثم قارنه مع التوحيد الذي جاءت به الأنبياء والرسل ... إلى غير ذلك .

وفيما يلي ذكر بعض الأمثلة مع التفصيل :



المثال الأول :

بين شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ طريقة الرسل في إثبات الصفات ونفيها[23] ، وأوضح أن هذه هي طريقة السلف ، ثم شرع يبين مذاهب المخالفين للرسل.

وفي عرضها إجمالاً هي مقارنة مع طريقة الرسل .

ثم بدأ يفصل ويحلل هذا المذاهب ويرد عليها .

بدأ شيخ الإسلام بعرض مذهب الباطنية، ثم رد عليه [24]، وبعدها عرض مذهب الفلاسفة وناقشه [25]، ثم انتقل إلى مذهب المعتزلة ورد عليه . [26]

بعد هذا ناقش جمع هذه الطوائف في نفيهم الصفات وأورد مسألة اتفاق الأسماء لا يوجب تماثل المسميات ، وهذا جواب عن شبهتهم في نفي الصفات ، وهي التشبيه ، فبين أن إثبات الصفات لا يستلزم التشبيه ، وأسهب المصنف في بيان هذا الأصل .

وبعد هذا الإستدلال والمناقشة يذكر ـ رحمه الله ـ النتيجة ، وهي : إثبات ما أثبته الله لنفسه ، ونفي مماثلته لخلقه .



المثال الثاني :



وبعد هذه المقارنة والتحليل والمناقشة وذكر النتيجة في المثال الأول ، ذكر شيخ الإسلام أصلان لتقريب ما استدل إليه .

وفي هذين الأصلين تحليل ونقد أيضاً :

جاء في الأصل الأول [27] عرض وتحليل مذهب الأشاعرة بإثباتهم الصفات السبع ثم اتبعه مناقشة لهم في نفيهم بعض الصفات ، ثم ذكر اعتراضات الأشاعرة بالتفصيل ، ثم ناقش كل جزئية اعترضوا عليها . [28]

وفي نهاية رد شيخ الإسلام على الأشاعرة عقد مقارنة بين الأشاعرة والمعتزلة بذكر عرض ٍ لرد المعتزلة على الأشاعرة ورد الأشاعرة على المعتزلة [29] ثم يلزم الأشاعرة في باقي الصفات بما ألزموا به المعتزلة في الصفات السبع .

ثم يتابع شيخ الإسلام الرد على الأشاعرة بأن الصفات السبع إن كان دل عليها العقل فإن باقي الصفات يدل عليها العقل أيضا ً ، وأن لم يكن العقل دل عليها ، فإن السمع دل عليها وهو وحده كاف ٍ لإثباتها ، كذلك ما لم يدل العقل على إثباته ، لا يدل على أن العقل ينفيه .

بعد هذا بدأ شيخ الإسلام بعرض مذهب الباطنية الذين ينفون النفي والإثبات ورد عليهم . [30]

وفي عرض شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ هذا منهج مقارنة بديع بين الحق من الباطل .



فقد بين طريقة الرسل في بالنفي والإثبات ومنهج القرآن في هذا ، هي طريقة السلف، ثم بعد هذا رتب المخالفين بالأخف فالأشد منه ، فبدأ بطريقة الأشاعرة وبين مذهبهم ، هو إثبات شيء من الصفات ، ثم ثنى بالمعتزلة، وهو إثبات الأسماء دون الصفات ـ هذه مقارنة بلاشك ـ ، ثم ذكر بعد المعتزلة الجهمية المنكرون للأسماء والصفات ، ثم الباطنية المنكرون للنفي والإثبات مثل قولهم : لا عليم ولا ليس بعليم .

ففي عرض شيخ الإسلام هذه المذاهب على هذا الترتيب بعد أن أصل المسألة بذكر طريقة الرسل منهج مقارنة بديع بين الحق فيه ونبه على الخطأ والضلال ، مع تخلل الردود والمناقشات في هذه المقارنة بعد ذكر قول كل مذهب .



المثال الثالث :

ذكر شيخ الإسلام في الأصل الثاني ( في النفي والإثبات ) :

أن القول في الذات كالقول في الصفات . [31]

وفي هذا الأصل ذكر مذهب الأشاعرة في الصفات ، وحلل أجزاءه ثم ناقشه، فبين أولا ً التأصيل والقاعدة في المسألة وهو أننا نثبت لله ذاتا ً لا تشبه الـذوات فكذلك الصفات ، نثبت لله صفاتا ً لا تشبه الصفات .

فإذا تبين هذا فإن هذا الكلام لازم في العقليات وفي تأويل السمعيات ( أي تفسيرها ) .

ثم قسم مذهب الأشاعرة وتكلم عن طريقتهم في الإثبات ، ثم طريقتهم في النفي .

وبعد هذا ناقشهم وألزمهم فيما يثبتونه بإلزامات تثبت لما نفوه فيما أثبتوه، وأن الصفات السبع التي دل عليها العقل فإن باقي الصفات أيضا ً يدل عليها العقل ، ثم حجهم بأن ليس في تأويلهم لباقي الصفات قانون مستقيم .



المثال الرابع :

في المثـلين اللذين ضربهما شيخ الإسلام لبيان التباين بين صفات الخالق عن المخلوقين[32] كان المثل الأول عن الدلالة اللغوية بين الموجودات في الجنة والدنيا ، استطرد وذكر مذاهب الناس فيما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر بمنهج مقارنة بين المذاهب ، فذكر أولاً مذهب السلف والأئمة وأنهم أثبتوا ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر ، ثم ذكر الفريق الثاني وهم الذين أثبتوا ما أخبر الله به في الآخرة من الثواب والعقاب ، ونفوا كثيرا ً مما أخبر به من الصفات ، ثم ذكر الفريق الثالث وهم الذين نفوا الأمرين كالقرامطة الباطنية والفلاسفة .

وهذا منهج مقارنة بين ثلاث طوائف فذكر منهج السلف ، ثم ثنى بأهل الكلام ، وبين مدى قربهم وبعدهم من مذهب السلف ، ثم ذكر مذهب الفلاسفة والباطنية وبعدهم كل البعد عن الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم .



المثال الخامس :

في الخاتمة التي ختم بها شيخ الإسلام الأصل الأول بسـبع قواعد ، جاء في القاعدة الأولى مقارنة بين السلف وبين المخالفين لهم اجمالا ً ، ثم قارن بين المخالفين بعضهم ببعض . [33]

ذكر شيخ الإسلام أصلٌ للسلف في النفي ، وهو أنهم لا يثبتون النفي المحض ، بل يثبتون النفي المستلزم ثبوت كمال الضد ، فنفي العجز يدل على كمال القدرة ... وهكذا .

ثم احتج لهذه الطريقة من القرآن وبأنها تفيد الكمال ، وقابلها بطريقة المخالفين الذين ليـس لديهم إلا النفي والسلب ، ووصف طريقتهم بأنهم لم يثبتوا في الحقيقة إلهـا ً محمودا ، بل ولا موجودا .

وفي هذه المقارنة رد للباطل باللازم ، وهذا من أبدع الطرق في بيان الحق، فبعد أن أطال في تقرير الحق ذكر المذهب المخالف ، وكما قيل : وبضدها تتـبيـن الأشياء .

ثم بعد هذا عقد مقارنة ـ على ضوء القاعدة ـ بين الذين ينفون الصفات وبين من ينفون عن الله النقيضين .

قال شيخ الإسلام : ( واعلم أن الجهمية المحضة كالقرامطة ومن ضاهاهم ينفون عنه تعالى اتصافه بالنقيضين ، حتى يقولوا : ليس بموجود ولا ليس بموجود ، ولا حي ولا ليس بحي .

ومعلوم أن الخلو عن النقيضين ممتنع في بدائه العقول ، كالجمع بين النقيضين .

وآخرون وصفوه بالنفي فقط ، فقالوا : ليس بحي ، ولا سميع ، ولا بصير .

وهؤلاء [34] أعظم كفراً من أولئك [35] من وجه ، وأولئك أعظم كفراً من هؤلاء من وجه ) .



وبيان هذه المقارنة :

أما في الوجه الأول :

هو أن النفاة بالنفي نفوا صفة الكمال عن الله ، كالقدرة ، فيلزم اتصافه بنقيضها ، أما النفاة للنقيضين فإنهم نفوا عن المعبود صفة النقص كما نفوا صفة الكمال ، فصاروا أخف من النفاة بالنفي .

أما الوجه الثاني :

هو أن النفاة بالنفي سلبوا أحد النقيضين ، أما النفاة للنقيضين سلبوا النقيضان عن المعبود فشبهوه بالممتـنعات ، أما النفاة بالنفي فسلبوا وصفا ً واحدا ً فشبهوه بالجمادات والمعدومات ، والتشبيه بالممتـنع أقبح من التشبيه بالموجودات والمعدومات .

وهذا معنى قول شيخ الإسلام : وهؤلاء أعظم كفراً من أولئك من وجه ، وأولئك أعظم كفرا ً من هؤلاء من وجه .



المثال السادس :

ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في القاعدة الثالثة قول القائل: ظاهر النصوص مراد أو غير مراد ؟[36]

ثم استخدم لهذا الاعتراض منهج التحليل والنقد ، فقد أفرد أجزاء هذا القول وبين أن الظاهر لفظ فيه إجمال واشتراك ، فإذا كان يريد أن ظاهر الصفات تفيد التشبيه بالمخلوقات ، فهذا غير مراد ، ونقد هذا القول وبين غلطه .

قال شيخ الإسلام :( ولكن السلف والأئمة لم يكونوا يسمون هذا ظاهراً ، ولا يرتضون أن يكون ظاهر القرآن والحديث كفرا ً وباطلا ً ، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم من أن يكون كلامه الذي وصف به نفسه لا يظهر منه إلا ما هو كفر وضلال)[37] .

ثم انتقل إلى الجزء الآخر من المذهب وبين إن كان المراد بظاهر نصوص الصفات هي المعاني الحقة اللائقة بالله فهذا لا شك أنه مراد .

ثم في نهاية القاعدة الثالثة عقد مقارنة بين السلف والأشاعرة والمعتزلة بجعله افتراضا ً ثالثا ً للفظ الظاهر ، وهو:

أنه إن كان يعتقد أن ظاهر النصوص المتنازع فيها ـ عدا السبع ـ غير مراد رجع إلى الحالة الأولى .

وإن كان يعتقد أن ظاهر النصوص المتنازع في معناها مثل ظاهر النصوص المتفق في معناها فهذا مراد وحق ، ويكون رجع إلى مذهب السلف .

وهذه مقارنة في غاية الحسن والجمال من شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ بين السلف والمعتزلة ووضع بينهم الأشاعرة ، بعد أن عرض مذهبهم ونقده .

المثال السابع :

في الأصل الثاني ذكر شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ توحيد العبادة ، ثم عقد مقارنة بين التوحيد الذي جاءت به الرسل مع التوحيد عند المتـكلمين وناقشهم فيه وهو أن غاية التوحيد الذي عندهم هو توحيد الربوبية، ثم ذكر التوحيد عند أصناف الجهمية وبين أن التوحيد عندهم هو نفي الصفات ، بعد ذلك ذكر التوحيد عند الصوفية وهو أن يشهد بأن الله رب كل شيء ومليكه .

وفي أثناء كلامه عن التوحيد عند كل طائفة ذكر شيخ الإسلام التوحيد الذي أقر به مشركوا العرب ، وهو توحيد الربوبية وأن الله هو الخالق الرازق المدبر ، ولم يقروا بأن الله هو المعبود وحده لا معبود سواه .

وهذه المقارنة تبين الباطل الذي عند المخالفين بإثبات الحق الذي جاءت به الرسل .

وفي هذه الأمثلة ما يغني لبيان منهج شيخ الإسلام ابن تيمية في التدمرية ، ولو أردنا الحصر لاحتجنا الوقوف عند كل مسألة من مسائل الكتاب .

فالخلاصة أن شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كان يستخدم منهج المقارنة تارة ، ومنهج التحليل والنقد تارة أخرى ، ويجمع بين المنهجين في أغلب الأحوال ، فيذكر المنهج الحق ثم يقارنه ببقية المذاهب بشكل مرتب لكي تتضح المقارنة ، ولا يتجاوز المذهب المخالف إلا بعد هدم بنيانه بالحجج والبراهين وإظهار ما فيه من الاضطراب .



2ـ نفي التعارض بين العقل والنقل ، وتقديم النقل حال توهم المعارضة :



وهذا لم يتكلم أحد في الدنيا مثلما تكلم به شيخ الإسلام ابن تيمية ، ولا أوضح من كتابه درء التعارض بين العقل والنقل .





3ـ وضع القواعد العامة التي تنبّه عن الوقوع في الخطأ :



وهذا مثل بيانه أن الاتفاق في المسميات لا يوجب التشابه في الصفات .







4 ـ إلتزامه التمثيل للقواعد التي يذكرها :



مثل تمثيله للجهة والحيز في القاعدة الثانية ، وتمثيله للعلو والاستواء في القاعدة الرابعة .



5ـ مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم :



مثل استخدامه مصطلح : واجب الوجود ، شهود السوى ، وحدة الوجود ، وحدة الشهود ... وغيرها .

وهذا منهج دائم لشيخ الإسلام رحمه لأن المتكلم إذا خوطب بغير اصطلاحه قد تتخلف المصلحة ، وقد صرح بهذا في كتابه درء تعارض العقل والنقل، فقال : وأما مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم ولغتهم فليس بمكروه إذا احتيج لذلك وكانت المعاني صحيحة ، كمخاطبة العجم من الروم والفرس والترك بلغتهم وعرفهم فإن هذا جائز حسب الحاجة . [38]



6ـ تقويم بعض المسائل التي فيها خلط أو خطأ :



وهذا في موضع كثيرة مثل مسألة التحسين والتقبيح العقليين ، وكذلك توحيد العبادة عند المتكلمين والصوفية في الأصل الثاني ، ومعنى الشهادة أيضا ً عند بعض الفرق .



7 ـ الجمع بين نصوص الكتاب والسنة :



وهذا مبني على القاعدة الثانية ، فشيخ الإسلام دائما ً يجمع بين النصوص وينفي عنها التدافع والتعارض .



8 ـ ترك الألفاظ المجملة والتزام الألفاظ الشرعية :



وهذا مثل لفظ الظاهر والجهة وغيرها عندما قال شيخ الإسلام : لفظ الظاهر فيه إجمال واشتراك .





9 ـ الأخذ بظواهر النصوص :



وقد نافح عنها ودائما ما يتكلم عن هذا الأصل العظيم عندما يناقش مسألة العقل والنقل .

يقول شيخ الإسلام رحمه الله : ولكن السلف والأئمة لم يكونوا يسمون هذا ظاهرا ً ، ولا يرتضون أن يكون ظاهر القرآن والحديث كفرا ً وباطلا ً ، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم من أن يكون كلامه الذي وصف به نفسه لا يظهر من إلا ما هو كفر وضلال ....[39]



10 ـ الاعتماد على الصحيح من السنة :



فحال شيخ الإسلام كحال السلف لا يعتمدون على الضعيف أبدا ً ، وإن أوردوه فهو للإعتضاد لأنهم أوردوا قبله الصحاح .



11 ـ العمل بخبر الآحاد في العقيدة :



فقد أبطل وفند شيخ الإسلام ابن تيمية من زعم عدم الأخذ بالآحاد أو أنها ظنية لا تفيد الثبوت مطلقا ً ، ويطهر هذا في كتابه العظيم درء التعارض بين العقل والنقل .



12ـ الاستشهاد بالأدلة العقلية مع الأدلة النقلية :



فكم من مرة يقول فيها شيخ الإسلام فهذا لم يدل عليه عقل ولا نقل صحيح ، وكذلك مناقشته للأشاعرة فيما نفوه من الصفات الخبرية بالعقل ، بأدلة عقلية مثل أدلتهم .



13 ـ رفضه التأويل الكلامي :



وتكاد هذه القاعدة أن تكون من أعظم القواعد التي بينها شيخ الإسلام ابن تيمية في جل ِّ كتبه ، فقد بين في رسالته التدمرية معنى التأويل في اللغة ، وفي القرآن ، وعند السلف ، وعند الخلف ، وفصل فيه أيما تفصيل . [40]

14 ـ الأسلوب العلمي في إقناع الخصم من وذلك بإيراد الاحتمالات على دليل المخالف حتى يسقط دليله أما الاحتمالات ، ثم يجهز بدليله بعد إسقاط دليل المخالف .






ثانيا ً : السمات العامة :





1ـ كثرة الاستدلال في القرآن الكريم ، وهذا واضح عندما ذكر طريقة الأنبياء والرسل في الإثبات والنفي للصفات .





2ـ الدقة في الحكم على الألفاظ :

مثل ما في القاعدة الثالثة : إن قال قائل : ظاهر النصوص مراد أو غير مراد؟ ومثل ما في القاعدة الثانية من الحكم على لفظ الجهة والحيز .





3ـ ابتعاده عن الألفاظ البذيئة والشتم ، واستخدامه الألفاظ الحسنة اللينة التي تدل على أدبه وحسن خلقه .



4ـ أظهر البناء العقلي لمذهب السلف على وجه الدقة ، وبين الاستعمالات الصحيحة له .

وذلك مثل مناقشة الأشاعرة في إثباتهم سبع صفات ، وتأويلهم للباقي ، وأيضا ً مثل ما جاء في القاعدة السادسة في بيان الضابط الذي تعرف به الطرق الصحيحة والباطلة في النفي والإثبات ، فقد بين استخدام العقل الصحيح ، وأيضا ً مثل ما جاء في القاعدة السابعة وهو أن كثيراً مما جاء به السمع يـُعـلم بالعقل أيضا ً .





5ـ النقد الموضوعي لجميع ما ذكره من آراء .

وهذا واضح من المنهج الذي سلكه في كتابه ، وأيضا ً فإن شيخ الإسلام لا ينقد إلا وهو مدعـّم ٌ نقده بالدليل .



6ـ العدالة في حكمه على الأقوال والفرق ، حيث يذكر الطوائف ويميز بينها وبين الغلاة منها .



7 ـ سعة اطلاع شيخ الإسلام بشكل لا يختلف عليه اثنان :

فغالبا ً على يتجاوز المسألة إلا ويذكر أصناف الناس فيها ومذاهبهم من مسلمين ومشركين .



· الآراء الاعتقادية في هذا المنهج :



بتطبيق هذا المنهج يحصل على أثره جملة من الآراء الاعتقادية ، وسأقتصر على ما جاء في التدمرية من ناحية ، ومن ناحية أخرى سأترك الكلام فيها ، لأن دراستها تحتاج إلى رسالة ، لذا سأسردها سردا كما يأتي :



1 ـ إثبات ما جاء في القرآن الكريم من نصوص الصفات الذاتية أو الفعلية ، أو الخبرية ، أو الخبرية العقلية ، من دون تشبيه ، أو تمثيل ، أو تكييف ، أو تحريف ، أو تعطيل .



2 ـ الإيمان باليوم الآخر ، والإيمان بالجنة والنار .



3 ـ التأكيد على الصفات الخبرية مثل : الاستواء والأصبع ، والوجه .... وعدم نفيها ، أو الخوض في الكيفية .



4 ـ ترك الألفاظ التي لم تأت ِ بها الشريعة ، خصوصا ً في باب الأسماء والصفات .



5 ـ التوقف فيما لم يرد نفيه أو إثباته من صفات لله سبحانه وتعالى .



6 ـ إثبات قياس الأولى لله سبحانه وتعالى :

وهو أن كل كمال يثبت للمخلوق من كل وجه لا عيب فيه بحال ، فالخالق أولى به ، مع عدم التمثيل .

وأي عيب ينزه عنه المخلوق ، فالخالق أولى بالتنزه .



7 ـ العقل ليس مصدرا ً للتشريع ، وإنما أداة فهم للنصوص .



8 ـ أن معنى لا آلـه إلا الله : لا معبود حق إلا الله .

وأن محمدا ً رسول الله : طاعته فيما أمر ، وتصديقه فيما أخبر ، واجتناب ما نهى عنه وزجر ، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع .



9 ـ اتفاق الرسل في أصول الدين .



--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية لابن عبد الهادي ص 3 تحقيق على صبح مدني نشر: مطبعة المدني بمصر ، الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب (4/491) رقم الترجمة :531. تحقيق : د.عبدالرحمن العثيمين .ط.1 عام 1425هـ مكتبة العبيكان

[2] ـ العقود الدرية ص 4 .

[3] ـ المرجع السابق ، الصفحة ذاتها .

[4] ـ الذيل على طبقات الحنابلة (4 / 493) .

[5] ـ العقود الدرية ص 22ـ 25 .

[6] ـ العقود الدرية ص 246

[7] ـ ألف في ترجمة شيخ الإسلام مؤلفات كثيرة جداً ، وللمزيد انظر :

ـ العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية لابن عبد الهادي .

ـ الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون جمع : محمد عزيز شمس و علي بن محمد العمران .

ـ أوراق مجموعة من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية لمحمد بن إبراهيم الشيباني ، فقد حاول استقصاء ما كتب عن شيخ الإسلام من تراجم فبلغ عنده ما يزيد عن المائة .

[8] ـ التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية ، تحقيق د. محمد عودة السعوي . الطبعة 8 عام 1424 هـ نشر: مكتبة العبيكان .

[9] ـ انظر لإحالات المسائل في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية كتاب : تقريرات ابن تيمية في كتابه التدمرية د. عبد العزيز العبد اللطيف .

[10] ـ للنظر في مصادر شيخ الإسلام رحمه الله في كتبه ، انظر على سبيل المثال :

أ ـ مقدمة تحقيق منهاج السنة ودرء تعارض العقل والنقل ـ كلاهما ـ للدكتور: محمد رشاد سالم رحمه الله . طبعة جامعة الإمام محمد بن سعود.

ب ـ مقدمة تحقيق الفتوى الحموية لشيخ الإسلام للدكتور : حمد بن عبد المحسن التويجري ص : 64 ، ط. دار الصميعي الثانية 1425هـ.

ج ـ منهج أهل السنة والجماعة في الرد على النصارى دراسة علمية من خلال جهود شيخ الإسلام ابن تيمية للدكتور : عبد الراضي بن محمد عبد المحسن ، ط. دار الفاروق الحديثة الثانية 1415هـ .

[11] ـ منهج أهل السنة والجماعة في الرد على النصارى ص 39 ـ 40 .

[12] ـ منهج أهل السنة والجماعة في الرد على النصارى ، ص : 42

[13] ـ وأورده شيخ الإسلام في التدمرية ص : 43 .

[14] ـ انظر التدمرية ص 47 .

[15] ـ انطر التدمرية ص 290- 291 . وانظر تفسير ابن جرير ( 1/75) ، وتفسير ابن كثير ( 1/ 15)

[16] ـ التدمرية ص 201 . وانظر تفسير ابن جرير ( 14/48) وتفسير ابن كثير ( 4/91) .

[17] ـ من ص 79- 89

[18] ـ التدمرية ص : 85

[19] ـ التدمرية ص 112 .

[20] ـ التدمرية ص 120 .

[21] ـ انظر التدمرية ص 151 – 152 .

[22] ـ وهي : الحياة ، والعلم ، والقدرة ، والسمع ، والبصر ، والكلام ، والإرادة . انظر التدمرية ص 31

[23] ـ التدمرية ص 8

[24] ـ التدمرية ص 16

[25] ـ التدمرية ص 17

[26] ـ التدمرية ص 18

[27] ـالتدمرية ص 30

[28] ـ التدمرية انظر ص 32

[29] ـ التدمرية انظر ص 33

[30] ـ التدمرية انظر ص 36

[31] ـ التدمرية ص 43 ـ 46.

[32] ـ التدمرية ص 47 ـ 48.

[33] ـ انظر ص 57 ـ 65 من التدمرية

[34] ـ أي النفاة بالنفي فقط ، لأن الضمير عائد إليهم .

[35] ـ أي النفاة بالنقيضين .

[36] ـ 69. من التدمرية

[37] ـ الصفحة السابقة .

[38] ـ درء تعارض العقل والنقل ( 1 / 43)

[39] ـ التدمرية ص 69 .

[40] ـ انظر التدمرية ص 91 - 98
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
منهج شيخ الإسلام ابن تيميةمنهج شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه التدمرية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حمل كتاب لاميّة شيخ الإسلام ابن تيمية
» كتاب المنتخب من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية
» كتاب الأم ( للإمام الشافعي رحمه الله)
» رساله من الشيخ ابن بـــــــــــــــاز رحمه الله
» صوره الامام الالباني رحمه الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشعراء في منتدى , بوحمد الحمد الرسمي ..!! , عبدالرحمن بن عثمان 2007 - 2012 ::  الاقــســام الادبــيــهـ :: منتدى الادب والقراءة والاستفاده و الكتب والسير الذاتية :: موسوعة الكتب الدنينية - والكتب العامة-
انتقل الى: