السلام عليكم ورحمة الله بركاته
معنى الاتحاد
احتفلنا يوم الأحد الماضي بمرور 77 عاما على توحيد أجزاء بلدنا، التي ظلت زمنا طويلا متفرقة متشتتة، ينهكها الضعف، ويفت في عضدها التناحر والتنافر. فكل عام ووطننا بخير، وكل عام وطننا متلاحم الأجزاء مترابط الأطراف. الاحتفال باليوم الوطني هو احتفاء بالاتحاد،وحق لنا الاحتفاء به، فالاتحاد قوة وراحة وطمأنينة. إن كل عام جديد يهل علينا فنحتفل فيه بذكرى هذا الاتحاد، هو تذكير لنا بما يُمكن للعزيمة الصادقة أن تفعله، وما يمكن للعمل الجاد أن يثمره. كانت حياتنا من قبل مليئة بالفزع والقلق والتوجس المستمر، وكانت حياة ينخر في جسدها الفقر والجهل والعداء، ومايرافق هذه الأدواء من اعراض كثيرة مليئة بالأذى والضر، ثم سرعان ماتبدل الحال فإذا الاتحاد هو السحر الحلال الذي جعل الفقر ينقلب إلى غنى، والفزع يتبدل الى أمن. وكم هو جميل وسار أن يتبدل الحال من الفقر إلى الغنى ومن الخوف إلى الأمن ومن الضعف إلى القوة. إننا حين نحتفل باتحادنا الوطني علينا أن نتذكر أن الاتحاد لا يحققه نشيد يُردد ولا يوم يُحتفل به، ولكنه قبل هذا وذاك عقيدة تنبت في القلب يغرسها الادراك والوعي بارتباط الخير والنفع بالاتحاد. الاتحاد يتحقق حين تكون هناك عدالة ومساواة بين أبناء الوطن الواحد بصرف النظر عن عروقهم أو جنسهم أو مذهبهم، فينال كل الأفراد حقوقهم على السواء ويقومون جميعهم بواجباتهم بلا تمييز أو استثناء. والاتحاد يتحقق متى اختفت العنصرية والتحيز وغاب التصنيف لأبناء البلد الواحد في أصناف وفئات تتفاوت في الرتب وعلو القدر والتميز، والاتحاد يتحقق متى تلاشت الشكوك بين الناس وعدم سوء الظن وندر تبادل الريب فيما بينهم.
إن كثيرا من شقاء الشعوب أو سعادتهم مصنوع بأيديها، وما من خير يحل عليها أو شر ينزل بها الا ولها نصيب كبير في وقوعه، والشعوب الغبية هي التي تصنع الشر لنفسها بدلا من الخير، فتقدم التدمير على البناء والتعمير، والهلاك والموت، على الحياة والبقاء، وهي في هذا تقنع نفسها أنها حين تفعل ذلك انما تفعله من اجل الوطن، ولمصلحة الأمة متجاهلة أنها توقد نار الفتنة بدلا من نشر السلام، وتشعل التنازع بدلا من التعاون، والتخالف بدلا من التحالف، فلا مصلحة حفظت، ولا خيرا أبقت.
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20070930/Con20070930142965.htm